تشهد العلاقة بين إدارة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" والقوى والنقابية والأهلية والمجتمعية في المخيمات الفلسطينية في لبنان توتراً متزايداً، على خلفية قرار الوكالة بإيقاف خمسة معلمين عن العمل بدعوى مخالفتهم لمبدأ الحيادية.
القرار، الذي صدر في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، شمل مديري مدارس وأساتذة ثانويين في مدارس "أونروا" بمختلف المناطق اللبنانية، وهم: حسان السيد مدير مدرسة القدس المتوسطة للبنين في مخيم برج البراجنة ببيروت، ونائب رئيس اللجنة القطاعية في اتحاد المعلمين في لبنان، وإبراهيم مرعي مدير مدرسة حطين في مخيم عين الحلوة، ورئيس مؤتمر اتحاد المعلمين في لبنان.
إضافة إلى ماهر طوية مدرس مادة الاقتصاد في المرحلة الثانوية في مدرسة عمقا في مخيم نهر البارد، ورئيس اتحاد المعلمين في لبنان، وأسامة العلي أستاذ في ثانوية الناصرة في مخيم البداوي، وعضو لجنة قطاعية في اتحاد المعلمين في لبنان ووسيم يعقوب أستاذ في مدرسة جبل طابور في شمال لبنان، وعضو اتحاد المعلمين في لبنان.
مبررات "أونروا" والموقف القانوني
اتخذ المفوض العام لـ"أونروا"، فيليب لازاريني، قرار التوقيف بزعم انتهاك المعلمين الخمسة لسياسة الحيادية، حيث وُضعوا في إجازة إدارية مدفوعة الأجر إلى حين استكمال التحقيقات. وأكدت الوكالة أن هذه الخطوة "لا تمس حقوقهم كموظفين، ولا تُعتبر إجراءً تأديبيًا بحقهم".
إلا أن المعطيات تشير إلى أن القرار كان بمثابة عقوبة فعلية، إذ مُنع المعلمون من دخول مؤسسات "أونروا"، وتم تجريدهم من جميع المقتنيات الوظيفية التي تشير إلى ارتباطهم بالوكالة، مع إيقافهم عن العمل إلى أجل غير محدد. والأمر اللافت أن جميع الموقوفين من أصحاب السيرة المهنية الحسنة، ولم تسجل بحقهم أي مخالفات أو إجراءات تأديبية سابقة.
وفي هذا السياق، أصدرت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان "شاهد" ورقة قانونية حول القضية، أكدت فيها أن التوقيف استند إلى مزاعم حول انتهاك الفقرتين 44 و46 من تعليمات شؤون الموظفين المحليين، بالإضافة إلى المادة 110.2 (1) من قانون الموظفين المحليين في "أونروا".
اقرأ/ي الخبر: "شاهد" تصدر بيانًا قانونيا بشأن سلوك "أونروا" بذريعة "الحيادية" في لبنان
ورأت المؤسسة أن مفهوم الحياد الذي تستند إليه الوكالة "غير واضح"، حيث يتم تفسيره بطرق متباينة وفقًا للظروف، ويُستخدم كأداة لاستهداف الموظفين الأكثر تأثيرًا ونشاطًا في الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين.
تصاعد الاحتجاجات في المخيمات
ومع بدء تنفيذ قرارات التوقيف، اندلعت موجة من الاحتجاجات داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، حيث نظمت القوى النقابية والشبابية سلسلة من الوقفات رفضًا لما وصفوه بـ"القرارات التعسفية" بحق المعلمين.
وأعلنت لجنة المتابعة العليا للدفاع عن المعلمين الموقوفين التي تشكلت على خلفية مماطلة "أونروا" بإعادة المعلمين لوظائفهم، عن خطوات تصعيدية للضغط على إدارة الوكالة للتراجع عن قرارها، حيث اعتبرت اللجنة أن هذه الإجراءات تأتي ضمن سياسات تقليص الخدمات وفرض قيود على النشاط النقابي في الوكالة.
تداعيات القرار ومستقبل التحركات
يرى مراقبون أن قرارات "أونروا" قد تفتح الباب أمام أزمة جديدة بين الوكالة واللاجئين الفلسطينيين في لبنان، خاصة في ظل تصاعد الغضب الشعبي تجاه سياسات تقليص الخدمات. كما أن استهداف المعلمين الخمسة، الذين يُعتبرون من القيادات النقابية، قد يُفسر على أنه خطوة لضرب الحراك العمالي داخل الوكالة، ما ينذر بمزيد من التوتر والتصعيد في المرحلة المقبلة.
في ظل استمرار الاحتجاجات، يبقى السؤال: هل ستتراجع "أونروا" عن قراراتها، أم أن المواجهة بين إدارة الوكالة والمجتمع الفلسطيني في لبنان ستأخذ أبعادًا جديدة قد تؤثر في مستقبل العملية التعليمية والخدمات المقدمة للاجئين؟
آراء من المخيمات الفلسطينية في #لبنان حول الإضراب وإغلاق مراكز ومدارس وكالة #الأونروا احتجاجاً على توقيف إدارة الوكالة معلمين في مدارسها على خلفية نشاطهم التضامني مع #غزة و #فلسطين pic.twitter.com/PTcPIpbym2
— بوابة اللاجئين الفلسطينيين (@refugeesps) February 5, 2025