أثار إعلان مديرة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في لبنان، "دوروثي كلاوس"، عن انتهاء عملية التحقق الرقمي من هوية الفلسطينيين في لبنان، جدلاً واسعاً وتساؤلات حول دقة الأرقام المعلنة ومدى عكسها للواقع الحقيقي لأعداد اللاجئين، وما لذلك من تأثيرات على حجم المساعدات الدولية المستحقة لهم.

وجاء الإعلان عبر تغريدة نشرتها كلاوس على موقع "إكس"، أوضحت فيها أن لبنان يستضيف حالياً 222 ألف فلسطيني، منهم 27 ألفاً من فلسطينيي سوريا، وذلك وفق نتائج عملية التحقق الرقمي التي أجرتها الوكالة. وأشارت إلى أن هؤلاء اللاجئين "من دون دولة أو جنسية أو حقوق أساسية"، مشددة على أن الهدف من التحقق الرقمي هو "تحسين تقديم المساعدات" وليس تعديل وضعهم القانوني.

مخاوف فلسطينية حول دقة الإحصاء

رأت مصادر فلسطينية أن هذا الإعلان لا يعني بالضرورة إجراء إحصاء شامل للاجئين الفلسطينيين في لبنان، حيث إن آلاف اللاجئين لم يبادروا إلى التسجيل في المنصة الإلكترونية لأسباب متعددة. فبعضهم أحجم عن المشاركة تخوفاً من خلفيات أمنية محتملة، بينما امتنع آخرون؛ لأنهم لا يحتاجون إلى المساعدات المالية أو العينية التي تقدمها الوكالة نظراً لأوضاعهم الميسورة.

كما أن هناك فئة كبيرة من اللاجئين، خاصة في المدن والبلدات اللبنانية خارج المخيمات، لم تكن على علم بهذه العملية؛ بسبب ضعف الوصول إلى المعلومات. ونقلت صحيفة "نداء الوطن" اللبنانية عن مصادر أن مناطق مثل صيدا القديمة، الغازية، ومناطق بيروت وطرابلس تضم عائلات فلسطينية لم تشارك في التحقق الرقمي بسبب عدم معرفتهم به أو عدم توفر الإمكانيات التقنية لديهم.

مخاطر استخدام الأرقام في تقليص المساعدات

وأكدت المصادر الفلسطينية أن الرقم المعلن (222 ألف لاجئ) لا يعكس الحقيقة الكاملة، مشيرة إلى أن الفرق يبقى شاسعاً بين الخدمات المحدودة التي تقدمها "أونروا" والحاجات الأساسية التي يتطلبها توفير حياة كريمة للاجئين. وأعربت عن مخاوف من أن تُستخدم هذه الأرقام كذريعة لتقليص المساعدات المالية المقدمة من الدول المانحة للوكالة، خاصة في ظل الهجمات السياسية والمالية المستمرة ضد "أونروا".

كما حذّرت المصادر من أن التوقيت الحساس للإعلان قد يُستغل لتبرير تخفيض الدعم المخصص للاجئين، رغم أن الرقم المعلن لا يشمل جميع اللاجئين الفلسطينيين الموجودين فعلاً في لبنان.

وأوضح مدير عام الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين، علي هويدي، أن الرقم المعلن لا يمكن اعتباره العدد الفعلي للاجئين الفلسطينيين في لبنان، مشيراً إلى وجود العديد من العائلات التي لم تشارك في التحقق الرقمي لأسباب مختلفة. وقال في تصريح لجريدة "نداء الوطن" اللبنانية: "التحقق الرقمي ليس إحصاءً دقيقاً، بل مجرد تحديث للبيانات المتعلقة بالمستفيدين الحاليين من خدمات أونروا".

من جهته، قال مسؤول ملف 'أونروا' في حركة الجهاد الإسلامي في لبنان، جهاد محمد، إن عملية التحقق الرقمي تعكس فقط عدد الفلسطينيين الذين يستفيدون حالياً من خدمات الوكالة، لكنها لا تمثل العدد الحقيقي للاجئين في البلاد. وأوضح أن هناك فئة من اللاجئين مسجلة لدى "أونروا" لكنها تقيم خارج لبنان، في حين أن عائلاتهم ما زالت داخل البلاد، ولم يتم تسجيلهم رقميًا. كما أن بعض اللاجئين المقيمين لم يسجلوا لدى الوكالة لأسباب شخصية أو تقنية.

وشدد محمد على أن الحاجة إلى دعم اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لا تزال قائمة، وأن المساعدات الحالية لا تكفي لتلبية احتياجاتهم الأساسية. كما حذر من أن أي تقليص لهذه المساعدات بناءً على الأرقام المعلنة قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها اللاجئون.

ولفتت مصادر فلسطينية إلى أن "أونروا" تدرّجت في تنفيذ التحقق الرقمي على مراحل، بدءاً من شبكة الأمان الاجتماعي – الشؤون الاجتماعية، مروراً بالأطفال دون سن 18 عاماً، ثم كبار السن فوق 60 عاماً، وأخيراً الفئة العمرية بين 18-60 عاماً. واعتبرت أن هذا التدرّج قد يكون خطوة نحو فرض سياسات جديدة تستهدف تقليص عدد المستفيدين من خدمات الوكالة.

يذكر ان مشروع "التحقق الرقمي" الذي أطلقته وكالة "أونروا" قوبل برفض فلسطيني واسع منذ الإعلان عنه، تحت شعار "لسنا أرقاماً"، تعبيراً عن المخاوف السياسية والأمنية التي يثيرها. ويرى معارضو المشروع أن تحويل الفلسطينيين إلى مجرد أرقام يتجاوز كونه إجراءً إحصائياً، بل يحمل أبعاداً سياسية قد تؤدي إلى إعادة تعريف أعداد اللاجئين بطريقة تؤثر في حقوقهم.

وبحسب الرافضين، فإن المشروع يهدد بحرمان الشريحة الأكبر من الفلسطينيين من المساعدات، ويُنظر إليه كخطوة أولى نحو تقليص أعداد المستفيدين تدريجياً، في سياق مسار يستهدف تصفية "أونروا" وإنهاء قضية اللاجئين، ما يفاقم القلق من تداعيات سياسية تمس جوهر الحقوق الفلسطينية.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين/وكالات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد