حذر المفوض العام لـ"أونروا" فيليب لازاريني من تداعيات استمرار الحصار "الإسرائيلي" المفروض على قطاع غزة، مشيرًا إلى أن "إسرائيل" منعت دخول المساعدات الإنسانية والإمدادات التجارية منذ عشرة أيام، مما يهدد حياة المدنيين الذين لم ينعموا إلا بفترة راحة قصيرة بعد 16 شهرًا من الحرب.

وأوضح لازاريني في في مؤتمر صحفي في جنيف، أن اتفاق وقف إطلاق النار أتاح تضاعف المساعدات الإنسانية إلى غزة عشرة أضعاف خلال الفترة ما بين بدايته والثاني من آذار/مارس، مما يؤكد أن الإرادة السياسية يمكن أن تضمن وصول الإغاثة دون عوائق.

وأضاف أن استمرار منع المساعدات يهدد بعودة أزمة الجوع في قطاع غزة، مشددًا على ضرورة السماح بوصولها مجددًا للحفاظ على التقدم المحرز خلال المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار وتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان.

وفي سياق متصل، أشار لازاريني إلى خطورة الأوضاع في الضفة الغربية، حيث تشن قوات الاحتلال عملية عسكرية منذ ستة أسابيع، تسببت في تهجير نحو 40 ألف لاجئ فلسطيني في أكبر موجة تهجير منذ عام 1967. كما أشار إلى عمليات الهدم واسعة النطاق، والتي شملت مباني سكنية، ما أدى إلى حرمان آلاف الفلسطينيين من منازلهم.

وأكد أن "أونروا" تواصل متابعة النازحين وتقديم المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الغذاء والرعاية الصحية والمواد الأساسية، رغم التحديات المتزايدة التي تواجهها في القدس الشرقية، حيث تمارس بلدية الاحتلال ضغوطًا لإخلاء مقار الوكالة. كما تم منع الموظفين الدوليين فعليًا من دخول الضفة الغربية بعد رفض سلطات الاحتلال منحهم تأشيرات، بينما ترفض "إسرائيل" تسهيل دخول أو خروج بعض موظفي الوكالة من وإلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم.

وكشف لازاريني عن جهود "إسرائيلية" متزايدة لإسكات المنظمات الداعمة للفلسطينيين، مشيرًا إلى أن تشريعات الكنيست الأخيرة لا تستهدف فقط "أونروا"، بل تشمل أي فرد أو منظمة تدعو لاحترام القانون الإنساني الدولي أو تدافع عن حقوق الفلسطينيين. وأضاف أن بعض المنظمات غير الحكومية الدولية تم إسكاتها بالفعل، فيما تسعى "إسرائيل" لتوسيع نطاق هذه التدابير لتقويض عمل المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية عبر قوانين جديدة.

وفيما يتعلق بلبنان، أوضح لازاريني أن الأزمات الاقتصادية دفعت نحو 70% من اللاجئين الفلسطينيين إلى الاعتماد على المساعدات النقدية التي تقدمها "أونروا"، ما يجعل استمرار عمل الوكالة ضروريًا لضمان تقديم الخدمات الأساسية لهم.

وأكد المفوض العام أن "أونروا" تقدم التعليم لنحو 50 ألف طفل، وتوفر خدمات صحية لنحو 100 ألف شخص في الضفة الغربية، لكنها بحاجة إلى دعم إضافي طارئ لضمان استمرار عملها.

وحذر من أن انهيار "أونروا" سيؤدي إلى فراغ خطير في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وسيرسل موجات صدمة إلى الأردن ولبنان وسوريا، ما يهدد الاستقرار الإقليمي.

كما ندد بحملة التضليل المستمرة التي تستهدف "أونروا"، والتي تسعى إلى تصويرها كمنظمة إرهابية، مؤكدًا أن هذه الادعاءات تستند إلى معلومات غير دقيقة.

وأشار إلى أن الحظر المفروض على وسائل الإعلام الدولية والمستقلة في غزة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، يمنع العالم من الاطلاع على الأوضاع الحقيقية هناك، داعيًا وسائل الإعلام الدولية إلى بذل المزيد من الجهود للوصول إلى غزة لتغطية الحقائق والتحقق من المعلومات بشكل مستقل.

وفيما يتعلق بتمويل "أونروا"، شدد لازاريني على أن الوضع المالي للوكالة حرج، ويتم إدارته على أساس شهري، ما يجعلها بحاجة إلى دعم مالي عاجل للبقاء على قيد الحياة.

وفي ختام حديثه، أكد أن تفكيك "أونروا" بشكل مفاجئ لن يؤدي إلا إلى تعميق معاناة اللاجئين الفلسطينيين، لكنه لن يلغي وضعهم كلاجئين، مشددًا على أن حقوق الفلسطينيين، بما في ذلك حق العودة، ستظل قائمة بغض النظر عن وضع "أونروا".

ودعا لازاريني المجتمع الدولي إلى دعم "أونروا" حتى يتضح المسار السياسي، خاصة في ظل الجهود التي تقودها المملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية عبر التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين، والذي يمكن أن يمهد الطريق نحو انتقال تدريجي لـ"أونروا" إلى تقديم خدماتها عبر مؤسسات فلسطينية قادرة ومستعدة لذلك.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد