أفرجت السلطات الأمريكية يوم 30 نيسان/أبريل الماضي عن الناشط والطالب الفلسطيني في جامعة كولومبيا، محسن المهداوي، بعد أسبوعين من الاحتجاز في مركز تابع للهجرة، وذلك عقب صدور قرار قضائي برفض ترحيله والإفراج عنه بكفالة.
أثارت قضيته جدلًا واسعًا حول الحريات الأكاديمية والتمييز السياسي في الجامعات الأمريكية، في ما يشكّل فصلًا جديدًا من فصول التضييق على النشطاء الطلابيين الفلسطينيين والداعمين للقضية الفلسطينية.
وكان المهداوي، المنحدر من أحد مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية المحتلة، قد اعتقل في 14 نيسان/أبريل أثناء توجهه إلى مقابلة رسمية ضمن إجراءات طلب الحصول على الجنسية الأمريكية.
وفي جلسة قضائية عقدت يوم الأربعاء 30 نيسان/أبريل، أمر القاضي الفيدرالي "جيفري كراوفورد" بالإفراج عن المهداوي، مؤكدًا أنه "لا يشكّل خطرًا على المجتمع، ولا يوجد ما يدعو للخشية من فراره".
وشبّه القاضي المناخ السياسي السائد في الولايات المتحدة اليوم بما أسماه "المكارثية الجديدة"، في إشارة إلى مرحلة القمع السياسي في خمسينيات القرن الماضي، التي شهدت ملاحقات ضد أصحاب الآراء اليسارية.
خرج المهداوي من المحكمة الفيدرالية في برلينغتون بولاية فيرمونت وسط ترحيب من أنصاره وزملائه في الحراك الطلابي، وقال في أول تصريح إعلامي له عقب الإفراج عنه: "ما يجري بحق الطلاب المناصرين لفلسطين هو خيانة للدستور الأمريكي. كنت واثقًا أن العدالة ستأخذ مجراها، ولن يتمكن أحد من إسكاتي".
وأضاف أن مخاطبته للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بعبارة: "أنا لست خائفًا منك"، لحظة الإفراج عنه، كانت تعبيرًا عن رفضه لسياسات الترهيب التي تنتهجها إدارته، والتي طالت مئات الطلاب والناشطين في الجامعات.
كما انتقد المهداوي سياسات السيناتور "ماركو روبيو"، واصفًا مواقفه بأنها تغذّي "معاداة السامية باسم دعم إسرائيل"، متسائلًا: "هل من يدافع عن العدالة والسلام يُعتبر تهديدًا للسياسة الأمريكية؟".
كان المهداوي قد انتقل إلى الولايات المتحدة عام 2014، بعد أن بدأ مسيرته الأكاديمية في جامعة بيرزيت، والتحق بجامعة كولومبيا عام 2021 لدراسة الفلسفة. وهناك، شارك في تأسيس اتحاد الطلبة الفلسطينيين بالتعاون مع الناشط الفلسطيني محمود خليل، الذي اعتقل أيضًا في وقت سابق، وصدر حكم بترحيله.
ورغم الإفراج عن المهداوي، لا تزال قضيته مفتوحة، إذ تستمر المرافعات القانونية بشأن وضعه كمقيم دائم شرعي، في ظل إصرار الحكومة الأمريكية على المضي بإجراءاتها، وادعائها أن المحاكم الفيدرالية لا تملك صلاحية التدخل في مثل هذه القضايا.
تأتي قضية المهداوي في سياق حملة قمع متصاعدة تشهدها الجامعات الأمريكية منذ عدة أشهر، عقب اندلاع حرب الإبادة “الإسرائيلية” على قطاع غزة.
وقد انطلقت شرارة هذه الموجة من الحراك من جامعة كولومبيا، قبل أن تمتد إلى أكثر من 50 جامعة في أنحاء البلاد، وأسفرت عن اعتقال أكثر من 3,100 شخص، غالبيتهم من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس.
وكان المهداوي، إلى جانب محمود خليل وناشطين آخرين، من بين الشخصيات التي شكّلت نواة هذا الحراك الطلابي، الذي يطالب الجامعات الأمريكية بقطع علاقاتها الاستثمارية مع الشركات المتورطة بدعم الاحتلال "الإسرائيلي"، والمشاركة في تمويل جرائم الحرب.
وتحذّر منظمات حقوقية ومؤسسات قانونية من التصعيد المستمر في حملات الاعتقال والترحيل التي تستهدف الطلاب الفلسطينيين داخل الولايات المتحدة، وسط قيود غير مسبوقة على حرية التعبير داخل الحرم الجامعي.
اقرأ أيضًا: محكمة أمريكية تصدر قرارًا بترحيل الطالب الفلسطيني محمود خليل