أصدر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني تقريراً شاملاً بمناسبة الذكرى السابعة والسبعين لنكبة فلسطين، التي تصادف في الخامس عشر من أيار/مايو من كل عام، موثقاً بالأرقام والبيانات ما مرّ به الشعب الفلسطيني منذ نكبته عام 1948 وحتى منتصف عام 2025.
وأكد التقرير أن النكبة لم تكن حدثاً تاريخياً عابراً، بل عملية مستمرة من التهجير القسري والتطهير العرقي في ظل سياسات الاحتلال "الإسرائيلي" المتواصلة، والتي تمثّلت مؤخراً في حرب الإبادة غير المسبوقة التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023.
ووثّق التقرير استشهاد أكثر من 154 ألف فلسطيني منذ عام 1948، من بينهم ما يزيد على 52,600 شهيد سقطوا منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000. وأشار إلى أن حرب الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة، التي بدأت في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، واستمرت حتى 8 أيار/مايو 2025، أسفرت عن استشهاد أكثر من 64,500 فلسطيني، أي ما يعادل 34% من مجموع الشهداء الفلسطينيين منذ النكبة، من بينهم أكثر من 18 ألف طفل، وأكثر من 12 ألف امرأة، كما استشهدت أكثر من 211 أسرة أُبيدت بالكامل، وأصيب أكثر من 125 ألف فلسطيني خلال الفترة نفسها.
تضاعف سكاني رغم النكبة
وأظهر التقرير أن عدد الفلسطينيين حول العالم تضاعف أكثر من عشر مرات منذ نكبة عام 1948، حيث ارتفع من نحو 690 ألف نسمة عام 1914 إلى أكثر من 15.2 مليون نسمة حتى منتصف عام 2025، منهم 5.5 ملايين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وحوالي 2.1 مليون في الأراضي المحتلة عام 1948، فيما يقيم أكثر من 7.6 ملايين في الشتات.
وفي فلسطين التاريخية وحدها، بلغ عدد السكان أكثر من 4.5 ملايين نسمة، ومن المتوقع أن يصل إلى 5.5 ملايين بحلول منتصف عام 2025، أي بزيادة قدرها مليون نسمة منذ عام 2023.
كارثة إنسانية في قطاع غزة
وفيما يتعلق بالأوضاع الكارثية في قطاع غزة في ظل حرب الإبادة، أفاد التقرير بأن نحو مليون فلسطيني نزحوا قسراً من أماكن سكناهم داخل القطاع؛ بسبب الحرب المتواصلة والحصار المحكم. كما أكد أن أكثر من 70% من الوحدات السكنية أصبحت غير صالحة للسكن نتيجة الدمار الهائل.
وأشار التقرير إلى تدمير أكثر من 110,500 مبنى، منها 68,900 مبنى دُمر بالكامل، فضلاً عن تضرر آلاف المنشآت الاقتصادية والتعليمية والصحية. كما رُصد تدمير أكثر من 330 ألف وحدة سكنية، ما ترك مئات الآلاف من العائلات في العراء.
وتسبب الحصار "الإسرائيلي" الكامل المفروض على القطاع في شلل شبه تام للنظام الصحي، وانقطاع المياه النظيفة، ونقص المواد الغذائية والطبية. وسجّل التقرير وفاة 57 طفلاً على الأقل بسبب الجوع، وأكثر من 65 ألف طفل يعانون من سوء التغذية، و92 طفلاً يعانون من اضطرابات نفسية حادة. كما وثق انهياراً شبه كامل لمنظومة الرعاية الصحية، إذ لم تعد المستشفيات قادرة على استقبال الجرحى أو توفير الخدمات الأساسية.
تصاعد الاستيطان ومصادرة الأراضي
وسلّط التقرير الضوء على التوسع الاستيطاني المتسارع، حيث بلغ عدد المواقع الاستيطانية في الضفة الغربية حتى عام 2024 نحو 551 موقعاً، منها 151 مستوطنة معترف بها، و144 بؤرة استيطانية عشوائية.
وخلال عام 2024 وحده، صادرت سلطات الاحتلال أكثر من 46 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية، وهدمت أو أخطرت بهدم أكثر من 11,000 منشأة.
كما شرع الاحتلال في بناء أكثر من 13 ألف وحدة استيطانية جديدة خلال العام نفسه، ما يعكس استمرار سياسة التهجير القسري وإحلال المستوطنين مكان السكان الأصليين، في مخالفة واضحة للقانون الدولي.
ووثق التقرير كذلك أكثر من 16,600 اعتداء نفذتها قوات الاحتلال والمستوطنون في الضفة الغربية خلال عام 2024، شملت: 11,330 اعتداءً على الممتلكات، و4,538 اعتداءً جسدياً على الفلسطينيين، و774 اعتداءً على دور العبادة والمؤسسات المدنية، إلى جانب اعتقال أكثر من 900 فلسطيني، بينهم عدد كبير من الأطفال.
دعوة للمجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته القانونية والإنسانية
وفي ختام التقرير، شدّد الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني على أن هذه الأرقام الكارثية تعكس حجم المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في ظل استمرار الاحتلال "الإسرائيلي"، مؤكداً أن هذه الممارسات تمثل العقبة الأبرز أمام تحقيق العدالة والسلام.
ودعا التقرير المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته القانونية والإنسانية، والتدخل العاجل لحماية المدنيين الفلسطينيين، ووقف جرائم الحرب، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب التي يستفيد منها الاحتلال.