لاقت دعوة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لإجراء انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني رفضاً واسعاً من فصائل المقاومة، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والمؤتمر الوطني الفلسطيني، الذين اعتبروا في بيانات لهم القرار خطوةً أحادية، تتجاوز التوافق الوطني، وتأتي في توقيت خطير تمر به القضية الفلسطينية، في ظل حرب إبادة "إسرائيلية" متواصلة ضد قطاع غزة، وعمليات تهجير وتطهير عرقي في الضفة الغربية.
وفي تفاصيل القرار الصادر عن عباس، فقد نص على إجراء الانتخابات "وفقا لنظام انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني"، على أن يحدد موعدها بقرار من رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.
ويتكوّن المجلس الجديد من 350 عضواً، بواقع ثلثين من الداخل الفلسطيني، وثلث من الشتات، مشترطاً للترشح الالتزام الكامل ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية، بما في ذلك التزاماتها الدولية وقرارات الشرعية الدولية.
كما نصّ القرار على تشكيل لجنة تحضيرية برئاسة روحي فتوح، تضم مكتب رئاسة المجلس وأعضاء من اللجنة التنفيذية، وممثلين عن الفصائل والمنظمات الشعبية والمجتمع المدني والجاليات الفلسطينية في الخارج، تتولى وضع الترتيبات اللازمة خلال أسبوعين من تاريخ صدور القرار.
فصائل المقاومة: تجاوز للتوافق وتعزيز للانقسام
وفي بيان باسمها صدر اليوم الأربعاء 23 تموز/يوليو، رفضت فصائل المقاومة الفلسطينية القرار، واعتبرته "تكريساً لسياسة التفرد والانقسام"، مشيرة إلى أن الأولوية الوطنية الآن ليست الانتخابات، بل وقف العدوان الصهيوني المستمر على غزة، وكسر الحصار، ووقف التهجير والاستيطان في الضفة، ودعم المقاومة.
وجاء في بيانها:"إن قرار رئيس السلطة بإجراء انتخابات مجلس وطني جديد دون توافق وطني وبشروط مسبقة، يشكّل تجاوزاً خطيراً للتوافق الوطني وخرقاً جديداً للقرارات الجماعية التي حددت شروط أي عملية انتخابية".
وأضافت الفصائل في بيانها أن "هذه الشروط تهدف لإقصاء شريحة واسعة من القوى والفعاليات والشخصيات الوطنية، وتكرّس الأزمة السياسية الفلسطينية بدل معالجتها."
وحذّرت الفصائل من أن اشتراط الالتزام الكامل ببرنامج المنظمة الحالي واستحقاقاته الدولية، بما فيه اتفاق أوسلو، يعني إقصاءً متعمداً لقوى المقاومة، خاصة في ظل فشل هذا البرنامج في حماية الحقوق الفلسطينية.
وأكدت أن "المخرج الحقيقي للأزمة يتطلب إرادة سياسية صادقة تنبذ التفرد، وتطلق حواراً وطنياً شاملاً بمشاركة كل المكونات الفلسطينية، لوضع برنامج مقاوم شامل يعيد بناء مؤسساتنا الوطنية على قاعدة الشراكة الحقيقية".
المؤتمر الوطني الفلسطيني: القرار يقيد التعددية ويخالف الميثاق الوطني
من جهته، أصدر المؤتمر الوطني الفلسطيني بياناً رأى فيه أن قرار الرئيس لا يستجيب لمتطلبات إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، ولا يعكس الضرورات الوطنية الراهنة، وعلى رأسها وقف حرب الإبادة الجماعية في غزة، وتوحيد القيادة الوطنية الفلسطينية.
وأوضح البيان أن "القرار الصادر عن الرئيس يشترط على كل مرشح للمجلس الوطني الالتزام ببرنامج المنظمة واعتبار ذلك شرطاً للعضوية، ما يعني الموافقة الضمنية على اتفاق أوسلو والاعتراف بإسرائيل، وهذا يتناقض مع الميثاق الوطني الذي يضم كافة الفلسطينيين على اختلاف مشاربهم السياسية، ويصادر حق المجلس الوطني في مراجعة قرارات اللجنة التنفيذية ونقدها".
وأضاف المؤتمر أن القرار يعمق الانقسام، ويفرض إرادة طرف واحد مهيمن على النظام السياسي، متجاهلاً كل مخرجات الحوار الوطني، وآخرها وثيقة بكين، كما تساءل عن جدية الحديث عن انتخابات "قبل نهاية العام" في ظل حرب إبادة مستمرة، وتدمير ممنهج لمخيمات غزة، وتهجير في الضفة والقدس.
وختم المؤتمر الوطني بالقول: "إن الهروب إلى الأمام لا يصنع وحدة، ولا يمثل حلاً. المطلوب هو حوار فلسطيني شامل يقود إلى تغيير ديمقراطي حقيقي، يشمل انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني، ويعيد الاعتبار لمنظمة التحرير كإطار جامع لكل الفلسطينيين".
الجبهة الشعبية: الانتخابات جزء من عملية إصلاح وليس خطوة انفرادية
كما أعلنت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين رفضها للقرار، وأكدت في بيان لها أن الانتخابات يجب أن تكون ثمرة توافق وطني شامل، وجزءاً من عملية إصلاح شاملة تعيد بناء منظمة التحرير على أسس وطنية ديمقراطية تمثّل الكل الفلسطيني في الوطن والشتات.
وقالت الجبهة إن القرار "يمثّل قفزاً عن التوافق الوطني، وخروجاً على القرارات الجماعية التي حددت شروط الانتخابات، ويكرّس الانقسام في وقت تتطلب فيه القضية الفلسطينية أعلى درجات الوحدة في مواجهة المشروع الصهيوني".
وشدّدت الجبهة على أن "إجراء الانتخابات في ظل استمرار حرب الإبادة في غزة، والتهجير والاستيطان في الضفة، واستهداف المسجد الأقصى، لا يمكن أن يتم دون تهيئة الظروف السياسية والوطنية، وتوفير ضمانات حقيقية لمشاركة شعبنا في القدس".
كما رفضت "الشروط المسبقة التي وضعها الرئيس للعضوية، وخاصة الالتزام الكامل ببرنامج منظمة التحرير"، معتبرة أنها "تقصي طيفاً واسعاً من القوى والفعاليات الفلسطينية، وتعيد إنتاج الأزمة بدل معالجتها".
وختمت الجبهة بالقول إن "المخرج الوطني الحقيقي يتطلب إرادة سياسية جامعة تنبذ سياسة التفرد، وتُطلق حواراً وطنياً شاملاً يتضمن رؤية وطنية موحدة، وبرنامجاً كفاحياً مشتركاً، وخطة لإعادة بناء مؤسساتنا الوطنية على قاعدة الشراكة، لمواجهة الاحتلال ومخططات تصفية القضية الفلسطينية".