يواصل جيش الاحتلال "الإسرائيلي" قصفه العنيف لتجمعات النازحين الفلسطينيين في مناطق متفرقة من قطاع غزة، مستهدفاً الخيام ومراكز توزيع المساعدات، في إطار حرب الإبادة المتواصلة منذ أكثر من تسعة أشهر. هذا التصعيد المتواصل يأتي وسط تفاقم الكارثة الإنسانية، في وقتٍ تسجل فيه حالات وفاة متزايدة نتيجة المجاعة وسوء التغذية، في ظل الحصار الخانق المفروض على القطاع.
وأعلنت مصادر طبية في مستشفيات غزة استشهاد 34 فلسطينياً منذ فجر اليوم الاثنين 4 آب/أغسطس، بينهم 17 من المجوّعين الذين كانوا يبحثون عن الطعام. كما أفادت وزارة الصحة في غزة بأن مستشفيات القطاع سجلت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية خمس حالات وفاة بسبب المجاعة، ليرتفع عدد ضحايا الجوع وسوء التغذية إلى 180 شهيداً، بينهم 93 طفلاً.
وفي السياق ذاته، كشفت "مؤسسة الضمير" الحقوقية عن تصاعد مقلق في حالات الإبلاغ عن مفقودين بالقرب من مراكز توزيع المساعدات التي تديرها ما تُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" الأميركية، وأوضحت في بيان لها أن 54 فلسطينياً لا يزالون مفقودين في محيط تلك المراكز، متهمة قوات الاحتلال بمنع انتشال جثامين الضحايا من المواقع المستهدفة.
وفي وسط القطاع، استقبل مستشفى العودة في النصيرات ستة شهداء وواحداً وثلاثين جريحاً، عقب استهداف الاحتلال تجمعاً للنازحين قرب نقطة توزيع مساعدات في شارع صلاح الدين جنوب وادي غزة.
وفي محافظة دير البلح، استُشهد ثلاثة فلسطينيين في قصف استهدف منزلاً لعائلة فلسطينية، بينما ارتقى نحو سبعة شهداء في مدينة غزة نتيجة القصف على حي الشجاعية شرقي المدينة.
أما شمالي القطاع، فقد استشهد خمسة فلسطينيين في منطقة التوام، فيما سقط شهيد وأصيب آخرون في قصف طال مجموعة من الأهالي في بيت لاهيا.
وفي حصيلة محدثة، أعلنت وزارة الصحة في غزة أن عدد ضحايا العدوان "الإسرائيلي" المستمر منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 بلغ حتى تاريخ اليوم 4 آب/أغسطس 2025، ما مجموعه 60,199 شهيدا. ومن بين هؤلاء الشهداء، وثقت الوزارة استشهاد 18,430 طفلا بنسبة 30.8% من إجمالي الضحايا، و9,735 امرأة بنسبة 16.1%، و4,429 مسنا بنسبة 7.3%.
وفي ظل هذا الوضع الكارثي، حذّر الدكتور خليل الدقران، المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى، من تسارع تفشي سوء التغذية في صفوف المواطنين، مرجحاً ارتفاع عدد الوفيات بسبب التجويع الممنهج. وقال في تصريح لقناة الجزيرة إن القطاع يفتقر إلى الماء، والغذاء، والدواء، وإن النظام الصحي على شفير الانهيار، في ظل نقص حاد في وحدات الدم وسوء أوضاع المستشفيات.
من جانبه، أفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأن الاحتلال يواصل فرض قيود صارمة على إدخال المساعدات، مشيراً إلى أن يوم أمس لم يشهد سوى دخول 80 شاحنة، تعرض أغلبها للنهب في ظل حالة الفوضى الأمنية التي وصفها بأنها "نتاج مباشر لسياسة الاحتلال".
وأكد المكتب أن القطاع يحتاج إلى ما لا يقل عن 600 شاحنة إغاثة يومياً لتوفير الحد الأدنى من مقومات الحياة.
وفي بيانه عبر تطبيق "تليغرام"، شدد المكتب على أن "جريمة التجويع الممنهج، وإغلاق المعابر، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية، تُشكّل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي"، محمّلاً الاحتلال وحلفاءه الدوليين المسؤولية الكاملة عن تفاقم الكارثة الإنسانية.
ودعا المجتمع الدولي، والمنظمات الحقوقية والإنسانية، إلى التحرك العاجل لفتح المعابر بشكل دائم، وضمان التدفق الآمن والكافي للمساعدات الغذائية والطبية، بما في ذلك حليب الأطفال، والعمل على محاسبة الاحتلال على الجرائم المستمرة التي يرتكبها بحق المدنيين العزّل في قطاع غزة.