ضمن ندوة عقدت في ساحة "بلدنا"

حراك الإضراب عن الطعام في رام الله يبحث تصعيد التحركات الجماهيرية دعماً لغزة

الثلاثاء 05 اغسطس 2025

قال أحمد غنيم، أمين سر لجنة المتابعة في المؤتمر الوطني الفلسطيني والقيادي في حركة فتح، إننا أمام خيارين تاريخيين: إما الاعتراف بأننا شعب واحد في مواجهة الاحتلال، أو الاستسلام لحرب الإبادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال بحق الفلسطينيين.

وأضاف: "هناك طوفان داخلي يعتقد أن الاستجابة للضغوط الخارجية تقتضي تنحية القوى الوطنية الحقيقية والمناضلة من المشهد السياسي الحالي والمستقبلي، وإنشاء نظام سياسي جديد يتماشى مع هذه الضغوط، وكأن على الفلسطيني إذا قاوم أن يستجيب، أو أن يتخلى عن نفسه، ويستر جزءًا من جسده".

وتابع: "في المقابل، هناك طرف آخر يعتقد أن الوحدة الوطنية ستجبر الخارج الضاغط على الاعتراف بأن الشعب الفلسطيني لا يمكن تجاوزه، وأنه الرقم الصعب في المعادلة. راجعوا تجارب الثورات العالمية: الفيتنامية، الكورية، الصينية... كلها واجهت استعمارًا حاول شق صفوف الشعوب من الداخل، بجعل جزء منها ضمن معادلته، وإقصاء جزء آخر".

وتساءل غنيم بمرارة: "ماذا يمنع أن ترسل كل الفصائل الفلسطينية موفديها إلى ساحة الإضراب، لنقف صفًا واحدًا ضد الجوع، ملتحمين بأمعائنا الخاوية دعمًا لغزة؟".

وأشار إلى أن الحركة الوطنية الفلسطينية أمام لحظة مفصلية: "إما أن تكون جزءًا من عملية التغيير، وتصنع التاريخ بنضالاتها، أو تكتفي بإرثها فقط. نحن فخورون بتاريخ الحركة الوطنية، بثورتنا، بشهدائنا، بأبطالنا، ولكن لا يكفي أن نعيش على الماضي".

وكشف عن مبادرات يجري التحضير لها في جنين ونابلس، منها إقامة خيام صيام يومي، مؤكدًا أنها مبادرات عامة يمكن للجميع المشاركة فيها، سواء بالصوم أو التضامن أو الإضراب أو أي شكل من أشكال الدعم لغزة.

وأضاف: "الإضراب ليس الوسيلة الوحيدة. هناك مبادرات فصائلية. وأدعو رجال الدين والإفتاء في الوطن العربي لإعلان يوم صيام كموقف تضامن فعلي مع غزة، سيكون له أثر كبير في العالم الإسلامي".

وأوضح أن نقاشات تجري حاليًا لإطلاق حملة دولية على المستويات الجماهيرية والإعلامية والقانونية، مشيرًا إلى أن القانون الدولي يحتوي على مواد تتيح للشعوب تقديم دعاوى ضد الاحتلال.

جاءت هذه المداخلة خلال ندوة نظمها المكتب الإعلامي في المؤتمر الوطني الفلسطيني مساء الاثنين 4 آب/أغسطس، في ساحة "بلدنا" وسط رام الله، ضمن فعاليات الإضراب عن الطعام المستمر دعمًا لغزة، تحت عنوان: "إضراب رام الله.. نحو تصعيد التحركات الجماهيرية في الضفة الغربية"، وذلك في سياق التحركات الشعبية المتصاعدة في الضفة الغربية وأراضي الـ48، الهادفة إلى وقف الإبادة وكسر الحصار المفروض على قطاع غزة.
WhatsApp Image 2025-08-04 at 8.01.44 PM (3).jpeg

وشارك في الندوة إلى جانب أحمد غنيم، كل من أبي عبودي، عضو اللجنة التنسيقية في شبكة المنظمات الأهلية وباحث في الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، والناشطة جميلة، المضربة عن الطعام. وأدارتها الباحثة فيروز سلامة.

أبي عبودي: الاحتلال يسعى لإحلال مؤسسات بديلة لإضعاف العمل الأهلي الفلسطيني

وتحدث الناشط الحقوقي أبي عبودي عن دور المنظمات الأهلية في هذه المرحلة، والذي يتجاوز تقديم الإغاثة والخدمات، ليشمل التوثيق والانخراط في المبادرات الشعبية.

وأوضح أن شبكة المنظمات الأهلية تفاعلت مع دعوة لجنة المتابعة العليا في أراضي الـ48، التي أعلنت الإضراب لثلاثة أيام، لكنها قررت الانخراط في الإضراب الممتد لـ14 يومًا انسجامًا مع تصاعد الفعل الفلسطيني.

وأضاف: "نواجه تحديات حقيقية، حيث يسعى الاحتلال لتجريم عمل المنظمات الأهلية ووقفها، من خلال محاولات إحلال مؤسسات بديلة مثل ما يسمى بمؤسسة غزة الإنسانية، لإلغاء الدور الوطني للمؤسسات الفلسطينية".

وأكد أن المنظمات تتعرض لهجمات مباشرة، مثل الاعتقالات، والوصم بالإرهاب، والإغلاق، والملاحقة، قائلاً: "مشكلتنا ليست إنسانية فقط، بل سياسية بامتياز، سببها الاحتلال وتواطؤ المجتمع الدولي الذي يغطي جرائم الإبادة والتجويع".

وتابع: "اللحظة الحالية لحظة فرز وطني حقيقي. هل نقف إلى جانب شعبنا؟ أم نواصل العمل وكأن شيئًا لم يحدث؟ حتى الدول التي تصنف صديقة، تزود الاحتلال بالسلاح".

وأشار عبودي إلى إضراب نساء مسافر يطا لاسترداد جثمان الشهيد عودة الهذالين، أحد المشاركين في الفيلم الوثائقي "لا أرض أخرى" الفائز بجائزة أوسكار، كمثال على المبادرات التي توحّد السياسي بالإنساني.

تجارب شخصية وروح جماعية

وشهدت الندوة أيضًا مداخلة من الناشطة الفلسطينية جميلة، المضربة عن الطعام في ساحة "بلدنا"، تحدثت فيها عن تجربتها الشخصية، قائلة إن مشاركتها جاءت بوازع داخلي كمواطنة، ووجدت أن الإضراب خلق رابطًا قويًا بين المضربين.

وقالت: "لم نعد نشعر بالجوع كما تخيلنا. هناك روح جماعية تحيط بنا، ويتابعنا طبيب، ونحظى برعاية طبية جيدة".

وأضافت: "هذه التجربة جعلتني أعيد النظر إلى الداخل. إنها نوع من تنقية الجسد والروح. نشعر بأهلنا في غزة، ونعيش جزءًا من معاناتهم، ونتمنى أن يزول هذا العذاب عن غزة، كما عن الضفة أيضًا".

واختتمت الندوة بحوار مفتوح بين المشاركين والنشطاء، لتبادل الرؤى وتنسيق الجهود وربط المبادرات النضالية ببعضها، بما يسهم في تعزيز الضغط السياسي والميداني لمواجهة الإبادة الجماعية والتجويع في غزة.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد