شكّل تصريح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الذي زعم أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" لن تضطلع بأي دور داخل غزة "لارتباطها بحركة حماس"، تناغمًا واضحًا مع الموقف "الإسرائيلي"، رغم تعهدات سابقة للرئيس الأميركي دونالد ترامب بالسماح للأمم المتحدة ووكالاتها بإدخال المساعدات وتوزيعها داخل القطاع.
وقال روبيو أمس الجمعة: "إن إسرائيل يجب أن تكون مرتاحة للمشاركين في القوة الدولية المزمع نشرها في قطاع غزة في إطار اتفاق وقف إطلاق النار".
وأضاف: أن مستقبل الحكم في غزة "لا يزال بحاجة إلى نقاش تجريه إسرائيل والدول الشريكة، وقد لا يشمل حركة حماس"، مشيرًا إلى أنه لم يُحدَّد بعد أي دور محتمل للسلطة الفلسطينية.
وادعى روبيو أن "أونروا" لا يمكنها الاضطلاع بأي دور في غزة، واصفًا إياها بأنها "تابعة لحماس"، مضيفًا أن "العمل جارٍ على إقناع الحركة بتسليم رفات الرهائن".
وفي معرض رده على التصريح الأميركي، أكد المتحدث باسم "أونروا" في غزة عدنان أبو حسنة أن ما صدر مؤخرًا عن محكمة العدل الدولية يشكل "أكبر رد على جميع الادعاءات والاتهامات"، موضحًا أن المحكمة أثبتت أن الوكالة منظمة محايدة، وتملك آليات تمنع أي اختراق، وأن الاحتلال لم يثبت إطلاقًا أن "أونروا" مخترقة من قبل حماس.
وقال أبو حسنة في تصريحات صحفية إنّ "الموقف من أونروا سياسي لا علاقة له بطبيعة عملها، وحتى قبل السابع من أكتوبر، كانت هناك جهات تحاول التشكيك في عمل الوكالة، بين اتهامات بالتعاون مع الاحتلال أو مع حماس، في حين أنها منظمة مستقلة محايدة تقدم خدمات التعليم والصحة وتوزيع المواد الغذائية".
وشدد على أنه "لا بديل عن أونروا في تقديم المساعدات الإنسانية"، مطالبًا بـ"محاسبة من قتل موظفي الوكالة ودمّر منشآتها"، مشيرًا إلى أنّ المحكمة تحدثت بوضوح عن الدور الرئيسي وغير القابل للاستبدال للوكالة.
وفيما يتعلق بالدور المستقبلي للوكالة، أوضح أبو حسنة أنّ الاحتلال والولايات المتحدة يتبنيان رؤية تدعو إلى استبعاد "أونروا" من المشهد الإنساني في غزة، "لأنهم يعتبرون أن الوكالة تُبقي قضية اللاجئين حيّة، وأن تصفيتها تعني تصفية هذه القضية ومعايير الحل السياسي المعروف بحلّ الدولتين".
ووصف أبو حسنة الموقفين الأميركي و"الإسرائيلي" بأنهما "قاسيان وغير مفهومين من الناحية الأخلاقية والإنسانية"، مؤكدًا أن "أونروا" "ليست منظمة تخضع للقانون "الإسرائيلي"، بل تعمل بتفويض من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتجديد هذا التفويض مقرراً في كانون الأول/ديسمبر المقبل".
وأضاف: "من يريد إلغاء أونروا وخدماتها، فعليه أن يذهب إلى الجمعية العامة ويصوّت على ذلك هناك".
وتتناقض تصريحات روبيو مع خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة، التي أكد فيها أن المساعدات ستدخل وتوزع داخل قطاع غزة "دون تدخل من إسرائيل أو حماس، بل فقط عبر الأمم المتحدة ووكالاتها والهلال الأحمر، إضافة إلى مؤسسات دولية أخرى ليست مرتبطة بأي شكل من الأشكال بأحد الطرفين".
وكانت محكمة العدل الدولية، وهي أعلى هيئة قانونية تابعة للأمم المتحدة، قد أكدت أن "كيان الاحتلال" ملزم بضمان تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان المدنيين في قطاع غزة في ظلّ الكارثة الإنسانية المتفاقمة التي يعيشها القطاع منذ اندلاع حرب الإبادة على غزة قبل أكثر من عامين.
وأوضحت المحكمة أن على "كيان الاحتلال" دعم جهود الإغاثة التي تقدمها الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية العاملة في غزة، بما في ذلك "أونروا"، مشددةً على أن هذه الالتزامات القانونية تأتي ضمن واجبات الاحتلال كقوة قائمة بالاحتلال وفق القانون الدولي الإنساني.
وأضافت المحكمة في رأيها الاستشاري أن "كيان الاحتلال" لم يقدم أي أدلة تثبت ادعاءاته بشأن انتماء عدد من موظفي "أونروا" إلى حركة حماس، في ردّ مباشر على الاتهامات "الإسرائيلية" التي استخدمت لتبرير تقييد عمل الوكالة وعرقلة دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.
