شهد مهرجان السلام في مدينة حمص حضوراً متنوعاً ومشاركة واسعة من مؤسسات وفعاليات اقتصادية وثقافية سورية وفلسطينية، كان أبرزها مشاركة "سيدات أعمال فلسطين"، اللواتي قدمن نموذجاً مميزاً لحضور المرأة الفلسطينية في الفضاء الإبداعي، وأكّدن أن نجاحهن هو ثمرة جهد جماعي وعمل وطني مشترك يجسد روح فلسطين سيدة الأرض.
وجاءت مشاركة "سيدات أعمال فلسطين" من خلال جناح خاص في بازار "إبداع"، قدمن فيه منتجات يدوية وفنية تعكس الهوية الفلسطينية، وتبرز دور المرأة في مسيرة العطاء والإنتاج، في أجواء جمعت بين الفن والتراث والوطنية.
اخترنا اسم سيدات أعمال فلسطين لأن النساء الفلسطينيات جديراتٌ بهذا اللقب
وقد حظي الجناح الفلسطيني بتفاعل كبير من الزوار والمهتمين، الذين أشادوا بجمال المعروضات وحرفية التنفيذ وروح الأصالة التي حملتها القطع الفنية المطرزة والمصنوعة يدوياً.
تقول سلام الزكري، الناطقة الإعلامية باسم المجموعة: إن الدعوة للمشاركة جاءت بعد مشاهدتهن إعلان المهرجان، كما جرت العادة في مشاركتهن في البازارات السابقة.
تضيف لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "اخترنا اسم سيدات أعمال فلسطين لأن نساء فلسطين يستحققن هذا اللقب بجدارة، ففلسطين هي سيدة الأرض. ومن هذا المفهوم انطلقنا لتفعيل التراث الفلسطيني والتعريف به، نحن مجموعة من الفتيات أسسنا مشروعنا عام 2015، وشاركنا في بازارات داخل مدينة حمص وخارج المخيمات، بهدف إثبات هويتنا الوطنية وإحياء تراث أجدادنا وأصالتنا."
وتؤكد الزكري أن المشاركة في مهرجان السلام كانت ضرورية رغم ارتفاع التكاليف، مشيرة إلى أن العمل تم بتمويل ذاتي كامل من الفتيات دون أي دعم خارجي، وقالت: "هدفنا أن نعرض منتجاتنا اليدوية كنساء فلسطينيات مناضلات، وأن نستفيد ماديًا في الوقت نفسه، كانت مشاركتنا مميزة في هذا المهرجان الذي يُعد الأول في حمص بعد التحرير، إذ تميز جناحنا الفلسطيني بلباسنا التراثي وحضورنا الأصيل، وحظينا بتفاعل كبير من الجمهور الذي عبر عن إعجابه واعتزازه بمشاركتنا."
نهدف إلى تعزيز الحضور الفلسطيني والتعريف بموروثنا الثقافي حتى يبقى في الذاكرة الحية للأجيال
وتضيف أن المهرجان شهد حضوراً واسعاً من مختلف مناطق حمص والريف، ما أتاح لهن فرصة التعريف بمشروعهن وفتح الباب للمشاركة في معارض ومهرجانات أكبر، منها مدينة المعارض التي سبق أن شاركن فيها قبل تأسيس اللجنة بشكل رسمي.

وتابعت الزكري: "تعزيز الحضور الفلسطيني هدف أساسي بالنسبة لنا. نحن حريصات على أن يعرف الجيل القادم تراثه، وأن تبقى العادات الفلسطينية حية في الذاكرة الجماعية. نعمل حالياً على مشروع خاص بـالحنة الفلسطينية كجزء من تراث الأعراس الفلسطيني، كما نحرص على تعريف الناس – حتى من أبناء بلدنا – بأسماء المدن الفلسطينية وملامح اللباس الشعبي من الضفة والنقب وغيرها، لأن كثيرين يجهلون هذه التفاصيل."
أما عن التحديات، فأشارت إلى أن أبرز العقبات التي تواجه المجموعة هي نقص المواد الأولية وارتفاع تكاليف المشاركة في البازارات والمعارض، موضحة أن الإمكانيات المحدودة تمنع جميع العضوات من المشاركة في كل الفعاليات.
تأمين مقر عمل هو أبرز التحديات المادية أمام مشروع سيدات أعمال فلسطين
وقالت: "في مهرجان السلام كنا سبع مشاركات فقط من أصل عشرين، بسبب ضعف الإمكانيات. لا تستطيع جميع الصبايا توفير المستلزمات أو تكاليف الحجز، لذلك نتعاون فيما بيننا لتغطية النفقات. أسعار الطاولات مرتفعة وليس لدينا ممول أو داعم، لكننا أحياناً نحصل على طاولة مجانية كمبادرة من المنظمين تقديراً لوجودنا."
ولفتت إلى أن المجموعة لا تمتلك مقراً ثابتاً حتى الآن، وأن نشاطها يُدار من "خيمة غزة" داخل المخيم، التي تعتبرها العضوات مقراً رمزياً. وأوضحت أنهن حصلن على موافقة غرفة التجارة ويعملن على استكمال إجراءات الترخيص الرسمية، مشيرة إلى أن تأمين مقر دائم يبقى العائق الأكبر أمام تطوير عملهن وتنظيم الاجتماعات بشكل منتظم.
وأضافت الزكري أنهن لا يواجهن أي تضييق من الجهات السورية، بل على العكس يلقين دعماً وتعاوناً في مختلف النشاطات. وأكدت: "نطمح لأن نعمل تحت مظلة واحدة تضم سيدات فلسطين ولجان المرأة في المخيمات، لتوحيد الجهود النسوية ضمن إطار منظم يخدم الهوية الفلسطينية ويدعم الإنتاج المحلي."

وختمت الزكري حديثها بالتعبير عن فخرها بالتكريم الذي نالته المجموعة خلال المهرجان، وقالت: "نشكر جميع الجهات التي دعمتنا معنوياً، فالدعم المعنوي هو الأهم لأنه يمنحنا دافعاً للاستمرار. صفحات المخيم والمجتمع الفلسطيني في حمص دعمتنا ورافقتنا في أعمالنا، وهذا يشجعنا على التوسع. نطمح أن نصل بعدد المشاركات إلى عشرات وربما مئات السيدات بعد استكمال الترخيص وتأمين مقرنا الخاص. لدينا صفحات على فيسبوك وإنستغرام ونعمل بجهد للحفاظ على حضور فلسطين في كل مناسبة."
يذكر أنّ مجموعة "سيدات أعمال فلسطين" تأسست في 1 آذار/مارس 2025، وتتألف من سيدات من المجتمع المحلي وصاحبات مهن يدوية وحرفية تشمل التطريز اليدوي، الأزياء الشعبية، صناعة الورود وعلب الهدايا، الرسم والنحت والأشغال الخشبية، الإكسسوارات، الكروشيه، حرفة الخرز، الحلويات الفلسطينية، وتجهيز حفلات الأعراس بأسلوب تراثي.
تهدف المجموعة إلى تمكين المرأة الفلسطينية لتكون عنصراً فاعلاً في المجتمع، وتعزيز قدرتها على الاعتماد على الذات والدخول في سوق العمل من خلال إدارة المشاريع الصغيرة. كما تسعى إلى نقل التراث الفلسطيني للأجيال القادمة، وتوفير فرص عمل مستقبلية للنساء، والمساهمة في توثيق الحرف والتقاليد الفلسطينية بروح من الإبداع والوطنية.

