لم تمرّ 24 ساعة على انهيار جزء من سقف أحد المنازل داخل مخيم شاتيلا، حتى شهد المخيم فجر الاثنين 1 كانون الأول/ديسمبر حادثة جديدة تمثّلت بسقوط بيت الدرج في مبنى متهالك في شارع أريحا نفسه، ما أعاد إلى الواجهة ملف الأبنية الآيلة للسقوط وسط تحذيرات متصاعدة من احتمالات انهيارات إضافية خلال فصل الشتاء.

وأكدت جمعية الشفاء الطبية أن المبنى يعد من بين الأبنية الأكثر خطورة داخل المخيم، مشيرة إلى أن العديد من المباني وصلت إلى مرحلة "انهيار وشيك" وباتت بحاجة ماسّة إلى الترميم العاجل لتفادي كارثة إنسانية.

 وطالبت الجمعية بإخلاء المبنى فوراً بعد تسجيل إصابة ليل أمس، وهو ما استجابت له الجهات المختصة التي قررت إخلاءه احترازياً.

وساهمت الأمطار الغزيرة والرياح في تآكل الجدران وتفكك شرفة الدرج، ما دفع عدداً من العائلات القاطنة إلى البحث عن بدائل سكنية خوفاً من استمرار الانهيارات خلال الشتاء.

بناء بلا هندسة… ولا رقابة

وفي مقابلة خاصة مع بوابة اللاجئين الفلسطينيين، أوضح المهندس ناجي الدوالي، عضو اللجنة الشعبية في المخيم، أن المشكلة الأساسية تكمن في البناء غير المنضبط، ومن دون أي التزام بمعايير الهندسة والسلامة.

وقال الدوالي: "هناك أبنية شيدت بلا دراسة، وبلا باطون كافٍ، ولا حديد مُسلّح. بعض المباني يمكن أن تنهار في أي لحظة، خصوصاً بعد الارتفاع الكبير وغير القانوني في عدد الطوابق".

 وأضاف: اتحاد المهندسين الفلسطينيين حذّر منذ سنوات من خطورة البناء العشوائي، وأن الوضع الحالي وصل إلى مرحلة تظهر فيها الأبنية تشققات وانهيارات جزئية تهدد بما هو أخطر.

15 مبنى في وضع خطير… وأولوية الربح تفاقم الأزمة

وأشار الدوالي إلى أنّ نحو 15 مبنى في المخيم مصنّفة حالياً ضمن فئة "شديد الخطورة"، مضيفاً: "البعض يقوم ببناء طوابق إضافية بهدف الربح أو التأجير، دون أي مراعاة لقدرة الأبنية على تحمل الأوزان. كما يواجه المهندسون اعتراضات وضغوطاً لمنعهم من إيقاف هذه المخالفات".

وأوضح أن اتحاد المهندسين اقترح سابقاً إطلاق مشروع شامل لتدعيم الأبنية في كل المخيمات، يخضع خلاله كل مبنى لدراسة دقيقة وخطة هندسية، إلا أن غياب التمويل حال دون تنفيذه. 

وأشار إلى أن وفداً هندسياً زار المخيم سابقاً، وأجرى كشفاً ميدانياً على عدد من الأبنية، وتبيّن أن وضع كثير منها "سيئ للغاية، ويحتاج إلى معالجة فورية".

واقترح الدوالي توفير فريق هندسي ثابت في كل مخيم، مكوّن من مهندسين اثنين أو ثلاثة، لمتابعة البناء والدراسات والتدعيم.

تحذير أخير: "الوقت نفد"

وشدّد الدوالي على أنّ الوضع لم يعد يحتمل التأجيل، مؤكداً أن ما حصل خلال اليومين الماضيين هو "بداية فقط"، وأن استمرار البناء العشوائي سيقود إلى انهيارات أكبر وكوارث بشرية لا يمكن التنبؤ بحجمها.

ويعيش مخيم شاتيلا اليوم تحت تهديد مباشر يتجاوز حدود سوء البنية التحتية، ليبلغ مستوى الخطر على حياة مئات العائلات. فبين غياب الرقابة الهندسية وارتفاع الأبنية المخالفة وضعف الإمكانيات، يبدو المخيم مقبلاً على مرحلة حرجة ما لم تبدأ الجهات المعنية فوراً بخطة تدعيم شاملة.

شهادة من المبنى المنهار

وكانت بوابة اللاجئين الفلسطينيين قد تواصلت يوم أمس الأحد مع عائلة محمد فواز، وهي عائلة فلسطينية–سورية جاءت من مخيم اليرموك، وتسكن مبنى "جيفارا" منذ ثلاث سنوات، وتستعد اليوم لمغادرته.

وقال فواز: "الطابقان السادس والسابع على شفا الانهيار التام. أجزاء من السقف سقطت، وشرفة الدرج انهارت بالكامل. نخاف من انهيار كامل في أي لحظة، خصوصاً مع الأمطار".

اقرأ/ي ايضاً: عائلات تغادر مبنى جيفارا في مخيم شاتيلا خوفاً على حياة أفرادها

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد