فلسطين المحتلة - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
بدأ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس زيارته الأولى منذ تولّيه منصبه إلى فلسطين المحتلة ليلتقي بقيادات الكيان الصهيوني وقيادات السلطة الفلسطينية، في محاولة لإقناع الجانبين باستئناف المفاوضات.
شدّد غوتيريس خلال زيارته للكيان الصهيوني، الاثنين 28 آب، على أنّ تحقيق السلام بين "الإسرائيليين" والفلسطينيين يتطلب استئناف العملية السياسية وتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للفلسطينيين.
في المؤتمر الصحفي المشترك بين غوتيريس ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو قال "بصفتي الأمين العام للأمم المتحدة، أعتقد أنّ من واجبي أن أكون وسيطاً نزيهاً ورسولاً للسلام، ويعني هذا أن أكون مُحايداً، يتطلب الحياد مُعاملة كل الدول بشكلٍ متساوٍ من الأمين العام والأمانة العامة للأمم المتحدة."
كما أعرب عن أمله في أن يأتي اليوم الذي يرى فيه دولتين تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن، مؤكداً على أنّ القدس مرتبطة بشكلٍ عميق بالأديان الثلاثة بشكلٍ لا يُمكن إنكاره.
الكيان الصهيوني
بحث رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو وغوتيريس يوم الاثنين قضية الأسرى الصهاينة لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وذكر تصريح مكتوب صادر عن مكتب نتنياهو أنّه طرح أمام غوتيريس قضية استعادة الجنديين هدار غولدين وأورون شاؤول، وكذلك الأسيرين في غزة أفيرا منغيستو وهشام السيد.
فيما ذكر إعلام الاحتلال أنّ الأمين العام قد تعرّض لانتقادات لاذعة خلال زيارته للكيان الصهيوني التي بدأت بزيارة متحف "الهولوكوست" في القدس المحتلة، ثم مقر رئيس دولة الكيان الصهيوني رؤوفين ريفلين، وبعد ذلك التقى برئيس الحكومة نتنياهو.
"تعمل الأمم المتحدة على صنع السلام، لكنها تسمح لخطابات الكراهية الفلسطينية بأن ترفع رأسها في مؤسساتها"، قال نتنياهو لغوتيريس خلال اللقاء.
أمّا ريفلين قد ناشد غوتيريس للعمل على وقف التمييز بحق الكيان في الأمم المتحدة، قائلاً "لا نرضى باستهداف إسرائيل، عزل الدولة اليهودية الوحيدة في العالم، وبالعمليات والتصريحات التي تُهدد بإبادة إسرائيل، بأي شكل من الأشكال، ويجب دفع ثمن مقابل هذه الأعمال، ولا يجوز لأي دولة عضو في الأمم المتحدة أن تتصرف هكذا."
كما تطرّق ريفلين إلى الوضع الأمني للكيان، قائلاً "إسرائيل ما زالت مُلتزمة بصنع السلام مع جاراتها، لا يجوز السماح لحماس في غزة إعادة ترميم مُجمّعات الأسلحة الخاصة بها، وعلى دول العالم أن تُناشد حماس لإعادة أبنائنا إلى إسرائيل إلى عائلاتهم"، في إشارة إلى جنود الاحتلال لدى المقاومة.
الأراضي الفلسطينية المحتلة
بدأت زيارة الأمين العام للضفة الغربية المُحتلة الثلاثاء، على أن يتوجّه يوم الأربعاء إلى قطاع غزة المُحاصر، وخلال زيارة الضفة يلتقي رئيس وزراء حكومة التوافق رامي الحمد لله في ظل غياب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي يزور تركيا.
خلال الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء الثلاثاء، رحّب الحمدلله بزيارة غوتيريس، وأكّد المجلس على أنّ هذه الزيارة واللقاء تكتسب أهمية بالغة في ذكرى مرور خمسين عاماً على الاحتلال منذ العام 1967، كما تصادف ذكرى مرور سبعين عاماً منذ قرار الأمم المتحدة رقم (181) بتقسيم فلسطين، ونكبة الشعب الفلسطيني، وأكد المجلس مسؤولية الأمم المتحدة التاريخية ودورها تجاه قضية فلسطين، ووجوب انحيازها إلى جانب قيم الحق والعدالة الإنسانية.
ودعا المجلس الأمين العام للعمل من أجل تحقيق المُثُل العليا المُعّبر عنها في ميثاق الأمم المتحدة، كما دعا إلى تضافر الجهود من أجل حل قضية فلسطين حلاً عادلاً، بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة وتجسيد دولة فلسطين المستقلة وذات السيادة على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم بناء على القرار (194)، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وملايين اللاجئين، وتمكينه من العيش بحرية وكرامة.
وطالب الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها والعمل على تنفيذ قراراتها وإلزام قوة الاحتلال الإسرائيلي في الانصياع إلى قواعد القانون الدولي، وفرض العدالة الدولية التي غابت عن فلسطين طوال (70) عاماً.
من جانبه، وجّه رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الوزير عيسى قراقع رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة يدعوه فيها إلى لقاء مُمثلي الأسرى وعائلاتهم والاستماع منهم لما يتعرّضون له من معاملة قاسية وانتهاكات فظّة وجرائم متعددة، مؤكداً على أنّ الإفراج عن الأسرى يُشكّل مفتاح السلام الحقيقي وأحد أهم استحقاقاته الأساسية.
كما دعا غوتيريس إلى أن يُدرج في جدول زيارته إلى فلسطين لقاء يجمعه بممثلين عن الأسرى وأهاليهم ليطّلع من خلالهم على قسوة المعاملة التي يتعرضون لها وحجم المعاناة الهائلة التي يعانونها جراء الاعتقال والسجن والمحاكم الجائرة والغرامات المالية الباهظة، والانتهاكات الجسيمة لأبسط قواعد حقوق الإنسان.
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بدورها اعتبرت أنّ "تجربة شعبنا مع الأمم المتحدة لم تبداً بالأمس فخيبة أملها من هذه المؤسسة صار عمرها أكثر من سبعين عاماً، وتزداد مع استمرار عجزها الدائم وخضوعها في كثير من الأحيان للوبي الصهيوني في المؤسسة، وفي عدم قدرتها على صوغ سياساتها ومواقفها الآن من القضية الفلسطينية بعيداً عن تأثيرات المتطرفة نيكي هيلي ممثلة الولايات المتحدة التي لا تتوقف محاولاتها لفرض إراداتها وإرادة الكيان الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني على الأمين العام."
وشددت الجبهة أن المطلوب من الأمين العام للأمم المتحدة هو إلزام إسرائيل بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ولجم عدوانه المتواصل على أبناء شعبنا، بعيداً عن سياسة الاستجداء أو جمع الضحية والجلاد في سلة واحدة. ووصفت الجبهة التصريحات الأخيرة للأمين العام للأمم المتحدة وقوله لنتنياهو"أنه سيدافع عن حق اسرائيل في الوجود" ، في وقت يجري فيه تدمير مقدرات شعبنا وإلغاء وجوده بالتطهير العرقي والاقتلاع ومصادرة حقوقه من النقب وصولاً إلى القدس وغزة وأم الفحم، وما يجري في المخيّمات من أوضاع كارثية خاصة في لبنان، إنما هو دعم وانحياز لدولة الكيان وتشجيع لها على الاستمرار بسياساتها في فرض الأمر الواقع المناقضة لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بحقوق الشعب الفلسطيني، والتي كان من بينها أن الاعتراف بدولة الكيان مشروط بتمكينها اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم التي شردوا منها."
وقالت الجبهة " في الوقت الذي يهتم فيه الأمين العام بالرهائن الصهاينة في غزة لم يكترث أو نسمع صوته في أي مرة حول واقع ومعاناة الأسرى في سجون الاحتلال، وأن عدم زيارته السجون للقاء قيادة الحركة الأسيرة ، وعدم اللقاء مع عائلات الأسرى يعود إلى كونه عاجز ورهينة لإرادة أمريكا والاحتلال."
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين تيسير خالد، دعا إلى توبيخ غوتيريس على خلفية طلبه سحب تقرير أممي يتهم الاحتلال بممارسة التمييز العنصري مع الفلسطينيين.
وأضاف "هل تذكرون الموقف المخجل للسيد انطونيو غوتيريس ، الأمين العام للأمم المتحدة ، الذي طلب سحب تقرير أممي من التداول منتصف آذار الماضي لأنه يتهم اسرائيل بممارسة سياسة الفصل العنصري مع الفلسطينيين . حيث ردت عليه السيدة ريما خلف في حينه بالاستقالة من منصبها منتصف كأمينة عامة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بعد أن طلب منها الأمين العام غوتيريس سحب التقرير نتيجة ضغوط أمريكية واسرائيلية."
تابع قائلاً "في حينه وجهت السيدة ريما خلف صفعة قوية للسيد غوتيريس حين قالت في كتاب استقالتها: أقدم لك استقالتي لأنني أرى من واجبي إلا أكتم شهادة حق عن جريمة الفصل العنصري التي تمارسها دولة اسرائيل وأتنحى حتى اتيح لغيري أن يفعل ما يمنعني ضميري أن أفعله."
يُذكر أنّ هذه الزيارة إلى فلسطين المحتلة تأتي في إطار جولة غوتيريس الأولى للشرق الأوسط منذ تولّيه منصبه كأمين عام للأمم المتحدة، وكان قد التقى مساء الأحد مبعوث الرئيسي الأمريكي دونالد ترامب لعملية السلام جيسون غرينبلات الذي قدم الأسبوع الماضي ضمن وفد أمريكي يضم صهر ترامب جاريد كوشير، ليُجري محادثات مع نتنياهو وعباس، وبقي غرينبلات لإجراء المزيد من المحادثات.