الأردن

طالب رئيس هيئة شؤون الأسرى والمُحررين عيسى قراقع بتشكيل لجنة تحقيق حول سياسة الإهمال الطبي بحق الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، مُحذراً من سقوط شهداء.

جاء ذلك خلال شهادة قدّمها قراقع أمام المُقرر الخاص في الأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مايكل لينك، واللجنة المعنيّة بالتحقيق في ممارسات الاحتلال في الأراضي المحتلة، الجمعة 29 حزيران/يونيو، في العاصمة الأردنيّة عمّان.

وقدّم قراقع شهادته لغاية إعداد تقرير عن حالة حقوق الإنسان في فلسطين، يُقدمها المُقرر الأممي في الدورة (73) للجمعيّة العامة للأمم المتحدة خلال أيلول/سبتمبر المُقبل.

هذا واستعرض قراقع في شهادته انتهاكات الاحتلال بحق الأسرى المرضى، بما يُخالف اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة والمبادئ الأساسية لمعاملة السجناء التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وحذّر بأنّ سياسة الإهمال الطبي المُتصاعدة والاستهتار بحياة وصحة الأسرى المرضى، يُشكّل خطراً على حياة المئات منهم وقد يؤدي إلى سقوط شهداء في صفوفهم، موضحاً أنّ (700) حالة مرضيّة خطرة في سجون الاحتلال مُصابة بأمراض مُزمنة وصعبة.

كشف كذلك أبرز الانتهاكات التي يُمارسها الاحتلال بحق الأسرى المرضى، كالإهمال الصحي المُتكرر والمُماطلة في تقديم العلاج والامتناع عن إجراء العمليّات الجراحيّة للأسرى المرضى، إلا بعد قيام زملاء الأسير المريض بأشكال من الأساليب الاحتجاجية من أجل تلبية مطالبهم بذلك.

وأشار أيضاً إلى عدم وجود أطباء اختصاصيين داخل السجن كأطباء العيون والأنف والأذن والحنجرة، ما أوقع الكثير من الأخطاء الطبية التي أدت إلى تدهور خطير على صحة الأسرى المرضى.

وتفتقر عيادات السجون إلى وجود أطباء مناوبين ليلاً لعلاج الحالات الطارئة، وعدم وجود مشرفين ومعالجين نفسيين، حيث يوجد العديد من الحالات النفسية والتي تستلزم إشرافاً طبياً خاصاً.

تطرّق كذلك إلى عدم توافر الأجهزة الطبيّة المُساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة، كالأطراف الصناعية لفاقدي الأطراف، والنظارات الطبيّة، وكذلك أجهزة التنفس والبخاخات لمرضى الربو، والتهابات القصبة الهوائية المُزمنة، وتُلزم سلطات السجون الأسير بدفع ثمن هذه الأجهزة من أجل الحصول عليها.

يُضاف إلى ذلك عدم تقديم وجبات غذائيّة صحيّة مناسبة للأسرى تتماشى مع الأمراض المُزمنة التي يُعانون منها، كأمراض السكري والضغط والقلب والكلى وغيرها، وعدم وجود غرف أو عنابر عزل للمرضى المصابين بأمراض مُعدية كالتهابات الأمعاء الفيروسيّة الحادة والمُعدية والجرب، ما يُهدد بانتشار المرض بسرعة في صفوف الأسرى، نظراً للازدحام الشديد داخل السجون.

وتحدث حول نقل الأسرى المرضى إلى المستشفيات مع تكبيل الأيدي والأرجل في سيارات شحن عديمة التهوية، بدلاً من نقلهم في سيارات إسعاف مُجهزة ومُريحة، مُشيراً إلى معاناة الأسرى المرضى من ظروف اعتقال سيئة وأماكن احتجاز غير ملائمة، تتمثل بقلّة التهوية والرطوبة الشديدة والاكتظاظ الهائل، بالإضافة إلى نقص شديد في مواد التنظيف العامة والمبيدات الحشرية، والحرارة الشديدة صيفاً والبرد الشديد شتاءً.

وأشار قراقع إلى استخدام العنف والاعتداء بحق الأسرى بما فيهم المرضى، واستخدام الغاز لقمعهم، ما يُفاقم خطورة حالتهم الصحيّة. بالإضافة لافتقار مستشفى سجن الرملة الذي يُنقل إليه الأسرى المرضى، للمستلزمات الطبية والصحية، حيث لا يختلف عن السجن في الإجراءات والمعاملة القاسية للأسرى المرضى.

ونوّه إلى معاناة الأسيرة من عدم وجود أخصائي أمراض نسائية، إذ لا يوجد سوى طبيب عام، خاصة أنّ من بينهن من اعتُقلن أثناء فترة الحمل، وبحاجة لمتابعة صحيّة خاصة أثناء الحمل والولادة، مُشيراً إلى إجبار الأسيرات الحوامل على الولادة وهن مُقيدات الأيدي دون الاكتراث بمعاناتهم لآلام المخاض والولادة.

كما يستغل الاحتلال الوضع الصحي للمعتقل، إذ يعمد المحققون إلى استجواب الأسير المريض أو الجريح من خلال الضغط عليه لانتزاع الاعترافات، بالإضافة للمماطلة في إدخال أطباء من خارج السجون لإجراء الفحوصات للأسرى المرضى وعلاجهم، ورفض غالبية الطلبات المُقدمة للإفراج المُبكر عن الأسرى المرضى من ذوي الحالات الخطرة.

ويُشار إلى أنّ قراقع استند في شهادته إلى حالتي الشهيد عزيز عويسات والفتى حسان التميمي، كنموذج للجرائم الطبية التي تُمارس في سجون الاحتلال وتفاقم انتشار الأمراض الخطيرة في أجساد المعتقلين.

هذا وطالب قراقع خلال شهادته بتوفير الحماية الدولية للأسرى، وفتح الملف الطبي للمعتقلين من خلال العمل على الإفراج عن كافة الأسرى المرضى من ذوي الحالات الخطرة خاصة المصابين بأمراض السرطان وذوي الإعاقة والشلل لتمكين أسرهم وذويهم من رعايتهم.

وأضاف ضرورة تشكيل جنة تقصي حقائق من الدول الأطراف باتفاقية جنيف أو مجلس حقوق الإنسان لزيارة مراكز الاحتجاز والسجون والاطلاع على أوضاع وظروف احتجاز ومعاملة الاحتلال للأسرى، ومدى تطبيق المعايير الدولية في تقديم الرعاية الصحية اللازمة للأسرى.

دعا كذلك منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر لتفعيل دورهما في زيارة الأسرى المرضى ومتابعة أوضاعهم الصحية والعمل والتحرك لتحسين شوط علاجهم، بالإضافة إلى دعوة الامم المتحدة والبرلمانات الدولية للتحرك لإلغاء قانون الإطعام القسري بحق الأسرى المضربين، الذي أقرته حكومة الاحتلال، وإلغاء مشروع قانون يمنع الفلسطينيين من تقديم شكاوى إلى ما "المحكمة العليا" التابعة للاحتلال.

وأضاف أيضاً دعوة المحكمة الجنائية الدولية إلى الإسراع في فتح تحقيقات حول استشهاد أسرى داخل سجون الاحتلال بسبب الإهمال الطبي وعدم تقديم العلاج اللازم لهم، ومُساءلة المسؤولين لدى الاحتلال وأطباء السجون عن هذه الجرائم، بالإضافة لتحريك ملف الوضع الصحي للأسرى وإثارته على كافة المستويات وعقد مؤتمر خاص تحت رعاية الأمم المتحدة حول حقوق الأسرى المرضى في سجون الاحتلال والانتهاكات التي يتعرضون لها ومسؤولية المجتمع الدولي والجمعيات والمؤسسات الطبية بهذا الشأن.
وكالات - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد