عتاب الدقّة

ربع قرن مرَّ على توقيع اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية و الكيان الإسرائيلي، و الذي أحدث نقلة كبيرة وخطيرة في تاريخ القضية الفلسطينية، و شتت الفلسطينيين سياسياً بين مؤيد قليل لهذا الاتفاق وساخط عليه، وكيانياً بين فلسطينيين حصلوا على وضعية المواطن في سلطة ثبت لاحقاً أنها لا تملك سلطة على نفسها، وآخرين لاجئين في دول الشتات بدأ يغيب دورهم تدريجياً مع دخول السلطة حيز التنفيذ و إقامة مؤسسات لها على جزء من أرض فلسطين التاريخية و بدء مسلسل وهم قادتها بإمكانية تحويلها إلى دولة.

لا شك ان الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني مقتنعة بان اتفاق أوسلو شكل انطلاقة لمراحل خسران سياسية و قانونية ووجودية، فيما تشاهد بأم عينها ما آل إليه هذا الاتفاق بعد خمسة وعشرين عاماً على توقيعه، وكيف تحول من صك يعد بإقامة دولة للفلسطينيين على جزء من اراضيهم وإعطائهم ولو شيئاً قليلاً من حقوقهم المشروعة التي نصت عليها الاتفاقات الدولية إلى ورقة تلزم السلطة فقط لا "اسرائيل" بما بات لا يطيق على تحمله هذا الشعب من تنسيق أمني ومفاوضات من أجل المفاوضات وصمت قانوني رسمي فلسطيني رهيب على وحش الاستيطان الذي تضخم أربع مرات منذ توقيع الاتفاقية ، وضياع القدس من الفلسطينيين لصالح الاحتلال على أيدي رعاة هذا الاتفاق الأمريكيين، وتحول عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم الأم من حق كفلته القوانين الدولية وعلى رأسها القرار  194 إلى بند تضمنته اتفاقية أوسلو ينص على "إيجاد حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين" وهو حل على ما يبدو بدأ يتبلور واقعاً على وقع خطوات إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" المتمثلة بمحاولة تصفية قضية اللاجئين عبر استهداف وكالة الأونروا التي يعتبرها الفلسطينيون أحد الشواهد على قضيتهم، وكذلك بما يصدر عن هذه الإدارة من تصريحات تشكك بعدد اللاجئين الفلسطينيين وتسعى إلى سحب الاعتراف بهم وبالتالي بحقهم في العودة إلى أرضهم . 

صراحة، حق عودة اللاجئين الفلسطينيين تلقى الطعنة الأكبر في تاريخه على يد من وقع اتفاق أوسلو الذي ألحق باتفاقيات وبروتوكلات أخرى شكلت كلها سلسلة في محاولة الالتفاف عليه وإنهائه. 
الاتفاقية التي وقعت عام 93  كانت أخطر على القضية الفلسطينية من النكبة عام 1948، وذلك لأنها بإقرار فلسطيني منحت الاحتلال "حق الوجود" على 78 % من أراضي اللاجئين الفلسطينيين، هذا أولاً ، ليؤجل من وقعوا الاتفاق إيجاد حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين إلى ما يسمى "مفاوضات الحل النهائي" والتي على ما يبدو لن تتم إلا بعد أن تكون السياسات الأمريكية – الإسرائيلية قد أجهزت على حق عودة اللاجئين، إذا ما استمر الفعل الرسمي الفلسطيني والعربي يتسم بالانهزامية والفشل والتبعية الذي يظهر بهم أمام العالم، وهذا ثانياً، أما ثالثاً فمع تغييب دور منظمة التحرير لصالح دور السلطة يغيب دور اللاجئين الفلسطينيين، وأكثر من ذلك يتحولون إلى يتامى سياسيين يواجهون لوحدهم المخططات الرامية لاستهداف مخيماتهم ومحاولات إنهائها كما حدث في سوريا ويحدث في لبنان، وليس بعيداً أن ينتقل مخطط استهداف المخيمات إلى الضفة الغربية ولو بشكل آخر يبرز مع تكثيف الاحتلال اعتقال أبنائها والتضييق عليهم. 

كل ما تشهده الساحة الفلسطينية اليوم يدل على أن اللاجئين الفلسطينيين خارج حسابات رموز سلطة أوسلو، وكل ما تشهده الساحتين الإقليمية والدولية يشير إلى وجود مخططات جاهزة لإنهاء قضيتهم، كما تتحدث كثير من التسريبات حول "صفقة القرن" الأمريكية التي إن تمت ستكون الحلقة الأخيرة في مسلسل الإجهاز على قضية اللاجئين، اليتامى غير الصامتين عن حقوقهم، نجد ذلك في المظاهرات المتكررة في المخيمات ضد إجراءات الأونروا والسياسات الامريكية ضدها، ويبرز الإصرار على الحق الفلسطيني في مسيرات العودة الكبرى المستمرة منذ آذار/ مارس، و حبذا لو يظهر أكثر في انتفاضة شعبية داخل الضفة الغربية ترافقها هبة سلمية ومظاهرات في كل أماكن وجود الفلسطينيين، الذين لا يتوقون إلى أي امتيازات سوى العودة إلى فلسطين. 
خاص-بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد