طالت كارثة الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا يوم 6 شباط/ فبراير، عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين، سواء في المناطق التركية أو السورية التي وقعت ضمن نطاق تأثيره، وخصوصاً شمال غرب سوريا ومخيمات النيرب وحندرات في حلب، ومخيم الرمل الفلسطيني في اللاذقية، فيما بلغ عدد الضحايا 100 فلسطيني بحسب آخر الأرقام الصادرة عن خارجية السلطة الفلسطينية.
وبحسب الأرقام الواردة، فإن 49 فلسطينياً منهم قضوا في مناطق جنوب تركية المنكوبة، و51 في المناطق السورية التي نكبها الزلزال سواء شمال غرب سوريا، وفي مخيمي النيرب في حلب والرمل في اللاذقية، فيما تتواصل عمليات انتشال الضحايا وسط تضاؤل فرص العثور على ناجين، بحسب الهيئات الإغاثية.
شمال غرب سوريا
وعكست الأرقام التي كشفتها المتابعات الصحفية والإعلامية من مناطق الزلزال، حجم التأثير السلبي الذي طال الفلسطينيين، في مناطق شمال غرب سوريا الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، ووفق معطيات وردت لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، فإنّ نحو 1600 عائلة فلسطينية نكبت بالكامل، وتردّى واقعها الإيوائي والمعيشي الى ما دون الصفر.
ووفق معلومات وردت لموقعنا، فإنّ 700 عائلة فلسطينية في إدلب وريفها، تأثرت بالكارثة بشكل كبير، إضافة إلى 500 عائلة في ريف حلب الشمالي، و70 عائلة في ناحية جنديرس، إضافة إلى 250 أسرة في مخيم دير بلوط، وهي مناطق أعلنها الدفاع المدني السوري " الخوذ البيضاء" منكوبة بالكامل.
وحول الواقع الإيوائي بعد الزلزال، علم موقعنا أنّ 15 عائلة في جنديريس بريف عفرين فقدوا منازلهم، فيما غادرت معظم العائلات في المناطق المنكوبة منازلها المُستأجرة، نظراً لتصدعها لكونها كانت متضررة بالأساس، جرّاء عمليات القصف الصاروخي والجوي الذي تعرضت له تلك المناطق خلال الحرب طوال السنوات السابقة، لعدم وجود خيار إيوائي آخر.
ودمّر الزلزال في تلك المناطق، نحو 400 مبنى بشكل كلي وأكثر من 1300 بشكل جزئي، وتركز الدمار في مدينة عفرين وناحية جنديرس وعموم مناطق ريف حلب الشمالي وريف إدلب، وهي مناطق سكن وإيواء اللاجئين الفلسطينيين.
وتشير تقديرات إلى أنّ عدد الضحايا الفلسطينيين في مناطق شمال غرب سوريا فاق 20 ضحيّة، بينهم عائلات بأكملها.
وكان الناشط الفلسطيني المهجر في ريف حلب الشمالي ثائر أبو شرخ، قد أكد لبوابة اللاجئين الفلسطينيين وجود عشرات العائلات الفلسطينية المشردة في الشوارع ومراكز الإيواء، في مختلف مناطق شمال سوريا نتيجة تضرر منازلها وخوفاً من الهزات الارتدادية المتواصلة.
في حلب واللاذقية
ووقعت 3 مخيمات رسمية للاجئين الفلسطينيين في مناطق سيطرة النظام السوري، تحت التأثير المباشر للزلزال المدمر، وهي مخيمات النيرب وحندرات في مدينة حلب، ومخيم الرمل الفلسطيني في مدينة اللاذقية.
وبحسب أرقام نشرتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فإنّ 90% من اللاجئين الفلسطينيين في تلك المناطق والبالغ عددهم زهاء57 ألف لاجئ فلسطيني في سوريا تضرروا من الزلزال بحسب الوكالة.
وأحالت الكارثة، نحو 700 لاجئ من أبناء مخيم الرمل إلى نازحين في مدارس وكالة "أونروا" حسبما أعلنت الوكالة، فيما قصدت عشرات العائلات المساجد ومراكز الايواء في الأندية الرياضية المحيطة بالمخيم.
وتجاوز عدد العائلات التي نزحت إلى جامع فلسطين في المخيم، أكثر من 80 عائلة فلسطينية بحسب مصادر محليّة لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، وتتوزع عشرات العائلات الأخرى على الأندية الرياضية والجوامع والمدارس المحيطة بالمخيم.
وتقدر مصادر محليّة، عدد النازحين عن منازلهم المتصدعة في مخيم الرمل الفلسطيني بنحو 1600 شخص، فيما تضررت نحو 730 وحدة سكنية، بحسب أرقام غير رسمية نظراً لغياب عمليات المسح والإحصاء حتّى تاريخ اليوم.
وفي مخيم النيرب بحلب، نزحت أكثر من 100 عائلة عن منازلها التي تصدعت بفعل الزلزال إلى مراكز إيواء مؤقتة جرى نصبها في الحدائق العامّة.
وكانت "أونروا" قد أشارت إلى أنها قدمت نحو 100 بطانيّة، للاجئين الفلسطينيين الذين تشردوا من منازلهم في مخيم النيرب، وقصدوا "الملاجئ الجماعية المؤقتة" التي نصبت في الشوارع والأماكن العامة.
كما تقضي عشرات العائلات من أبناء مخيم النيرب قدرت بنحو 120 عائلة، لياليها في خيام نصبت بدعم من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، في منطقة سكة القطار المحاذية للمخيم.
ونزحت أكثر من 70 عائلة فلسطينية إلى مناطق مدينة حلب، بعضهم لجأ إلى المركز الثقافي في المدينة الذي صار مركزاً للإيواء، فيما قصد آخرون أقارب لهم.
في المدن التركية
وطالت كارثة الزلزال نحو 850 عائلة فلسطينيّة، أي ما يقارب 4500 فلسطيني يعيشون في مناطق جنوب تركيا بحسب تصريحات سفير السلطة الفلسطينية فائد مصطفى لبوابة اللاجئين الفلسطينيين. ويتركز معظمهم في مدن انطاكيا وملاطيا المنكوبتين، وعدد من المناطق الأخرى كهاتاي وعنتاب وسواها.
وتقوم مؤسسات وجمعيات ببناء 250 خيمة إيواء في موقع آخر، إضافة إلى استمرار الفريق في عمليات البحث والإنقاذ إلى جانب الفرق المحلية بالتنسيق مع إدارة الأزمات والكوارث التركية.
وكان أمين سر حركة "فتح" في تركيا مراد الجيوسي، قد قال في تصريح له: إنّ 400 عائلة فلسطينية بينهم فلسطينيون من سوريا، جرى إسكانها في مراكز إيواء في 4 مدن جنوب تركيا، وهي (كلس، العثمانية، مرسين، وأورفا).
كما أشار أمين سر الحركة في مدينة كلس جنوب تركيا طارق عمايري إلى أنّ المركز الذي جرى افتتاحه في المدينة، يضم 140 عائلة فلسطينية، بقوام 700 شخص، موزعين في الملاعب والحدائق والخيام.
وصرح مستشار وزارة خارجية السلطة الفلسطينية أحمد الديك الأربعاء 15 شباط / فبراير 2023 بأنّ الفرق الفلسطينية في صدد نصب 250 خيمة إيواء في موقع آخر.
تفاعل أهلي ورسمي فلسطيني واسع
وتفاعل الفلسطينيون في عدد من مناطقوجودهم مع حملات الإغاثة الأهلية والرسمية التي انطلقت لتخفيف آثار الضرر الإيوائي والمعيشي الذي حلّ بالمنكوبين.
ففي تركيا، أطلق شبّان فلسطينيون من أبناء مخيم اليرموك هجروا سابقاً الى الشمال السوري قبل انتقالهم إلى تركيا، حملة إغاثية للمنكوبين في مناطق الشمال تشمل اللاجئين الفلسطينيين المنكوبين هناك.
وتهدف الحملة إلى جمع مبالغ نقدية وتحويلها إلى معونات إغاثية، تشمل حليب وفوط الأطفال، وكميات من الخبز وعبوات المياه، وحطب للتدفئة وسواها من مستلزمات ضرورية تشكل حاجة فورية وأساسية للمنكوبين.
كما استقبل مخيما النيرب في حلب والرمل الفلسطيني في اللاذقية، قوافل مساعدات انطلقت من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وتجاوز عددها 7 حافلات، 5 من مخيم نهر البارد و3 من مخيم البداوي شمالي لبنان.
وضمّت القوافل، لوازم إغاثية عينية، من ملابس وفراش وبطانيات ومواد تموينية، إضافة إلى سيارة إسعاف وبعض اللوازم الإسعافية، فضلاً عن التبرعات المادية.
كما نفذت جمعية الشفاء للخدمات الطبية والإنسانية، وهي مؤسسة فلسطينية عاملة في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، حملة تبرعات لجمع المبالغ المالية واللوازم العينية لإرسالها لمنكوبي الزلزال في سوريا. فيما قامت لجان المساجد والهيئات الأهلية في مخيمات برج البراجنة وشاتيلا والتجمعات الفلسطينية في منطقة وادي الزينة بإقليم الخروب والمعشوق في صور، إضافة إلى مخيم عين الحلوة في صيدا، بحملات جرى إرسال الناتج عنها مع القوافل الإغاثية التي انطلقت من لبنان عبر هيئات رسمية وأهلية مختلفة.
ومن فلسطين المحتلّة، أرسلت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، فريقاً مكوناً من 15 عنصراً من الدفاع المدني، و10 من الهلال الأحمر الفلسطيني، إضافة إلى طبيب، للمساهمة في عمليات الإنقاذ والإغاثة في تركيا.
وأعلنت حملة "فلسطين معكم"، أنّها شكّلت 27 فريقاً من ألف شاب للعمل في المناطق المتضررة، إلى جانب فتح 5 مراكز استقبال للتبرعات العينية، حيث شهدت إقبالاً واسعاً من الجالية الفلسطينيّة في تركيا.
كما شهدت مدينة أم الفحم بالداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 حملة تبرعات انطلقت لإغاثة المتضررين من الزلزال، عبر جمع مبلغ مليون و600 ألف شيكل.
وتمكنت وزارة الأوقاف الفلسطينية من جمع مبلغ 3 ملايين ونصف المليون شيكل، لصالح منكوبي الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا، تحت عنوان "أغيثوهم" وشملت مساجد الضفة الغربية.
كما أطلق معهد الأمل للأيتام في قطاع غزّة، حملة للتبرّع بالدم للشعبين التركي والسوري، على إثر الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة وخلّف آلاف الوفيات والجرحى.
وجاءت هذه الحملة التي لاقت إقبالاً واسعاً، بالتعاون مع بنك الدم في وزارة الصحة، في سياق استمرار الحملات الفلسطينيّة لمساندة ضحايا الزلزال.
وفي السياق، أطلق موقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" نداءً انسانياً لإغاثة أكثر من 7 مليون لاجئ فلسطيني وسوري موجودون في منطقة الشمال السوري والجنوب التركي أصابتهم تداعيات هذه الكارثة، التي طالت أيضاً تجمعات ومخيمات للاجئين تعيش أصلاً ظروفاً غاية في السوء والاستعصاء ويفتقد أهلها لأدنى مقومات الحياة.
وجاء في النداء:" إن مشاعر التضامن الإنساني بين الشعوب ومع ضحايا الكارثة، وتلك المناشدات المستمرة من المنكوبين بالزلزال، ونداءات المؤسسات الدولية والإغاثية، لم تكن كافية لإطلاق تحرك دولي جاد للإنقاذ والإغاثة، والحقائق المُرّة التي نقف أمامها اليوم بعد مرور أكثر من 8 أيام على الكارثة، تشير إلى أن عمليات الإنقاذ لمن هم تحت الركام قد فات أوانها تقريباً، وأن عدداً غير يسير ممن قتلوا تحت الأنقاض قد خسرناهم بفعل تأخر وصول فرق الإنقاذ إليهم خصوصاً في مناطق الشمال السوري."
وتجاوزت حصيلة ضحايا الزلزال المدمر في كل من سوريا وتركيا 41 ألف ضحية، وسط تضاؤل فرص الوصول لناجين بعد مرور 9 أيام على الكارثة.