كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية، في تحقيق مطوّل أعدّته بالتعاون مع موقع "سيحا مكوميت" العبري، أن معظم الفلسطينيين الذين اعتقلهم جيش الاحتلال من قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 هم من المدنيين، وليسوا منخرطين في الأجنحة المسلحة.
ووفق التحقيق، اعتقلت "إسرائيل" نحو ستة آلاف فلسطيني حتى أيار/ مايو 2025، استنادًا إلى قانون "المقاتلين غير الشرعيين" الذي أقر عام 2002، ويسمح باحتجاز أشخاص إلى أجل غير محدد استنادًا إلى معلومات سرية، من دون لوائح اتهام أو تمكينهم من مقابلة محامين.
لكن وثائق داخلية لشعبة الاستخبارات العسكرية أظهرت أن 1,450 فقط من المعتقلين صنفوا كأعضاء في حركتي حماس أو الجهاد الإسلامي، بينما كان 4,550 مدنيًا، بينهم أطباء ومرضى ونساء مسنات. وأكد التحقيق أن هذه المعطيات، المستندة إلى وثائق رسمية وشهادات جنود خدموا في معسكرات الاعتقال، تعزز ما حذّرت منه منظمات حقوق الإنسان بشأن الاعتقالات العشوائية واستخدام المدنيين كورقة مساومة في صفقات التبادل.
ووثّق التحقيق حالات إنسانية بارزة، منها اعتقال المسنّة فهيمة الخالدي (82 عامًا) من حي الزيتون في غزة رغم إصابتها بالزهايمر، قبل أن يقرّ الجيش لاحقًا بخطأ اعتقالها. كما احتجزت عبير غبّان، وهي أم لثلاثة أطفال، ستة أسابيع بسبب تشابه أسماء.
وبحسب شهادات جنود، شملت الاعتقالات مرضى من مستشفيات القطاع، بينهم مسنون ومبتورو أطراف وجرحى مزمنون، حتى إن أحد المعسكرات خصص فيه جناح سمي "الجناح المسنّ".
وبيّن التحقيق أن نحو ألف معتقل أفرج عنهم ضمن صفقة تبادل في كانون الثاني/ يناير 2024، فيما أُعيد نحو 2,500 آخرين إلى غزة بسبب الاكتظاظ، ما يعزز أن معظمهم لم يكونوا متورطين في أي نشاط عسكري.
كما لفت إلى أن أكثر من 300 طبيب ومسعف وموظف صحي اعتُقلوا منذ بداية الحرب، ما يزال أكثر من مئة منهم قيد الاحتجاز بتهمة "مقاتلين غير شرعيين"، وسط تقارير عن تعرّضهم للتعذيب بالضرب والصعق بالكهرباء، في إطار سياسة تهدف إلى إضعاف النظام الصحي في غزة.
وختم التحقيق بالإشارة إلى سياسة وزير الأمن القومي "الإسرائيلي" إيتمار بن غفير، التي ركزت على تشديد ظروف الاعتقال وتقليص الطعام إلى الحد الأدنى، ما أدى إلى وفاة عدد من الأطباء والمسؤولين الصحيين تحت التعذيب، بينهم الدكتور عدنان البرش مدير قسم العظام في مستشفى الشفاء، والدكتور إياد الرنتيسي مدير مستشفى النساء في غزة.