كشفت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " أونروا" أنّ 435 عائلة فلسطينية تعيش في مخيّم اليرموك حاليّاً من أصل 160 الف لاجئ مسجّل لديها قبل العام 2011، وذلك خلال إعلانها عن توزيع مساعدات غذائية ولوجستية لهم جرت يوم 8 كانون الأوّل/ ديسمبر الجاري، وهي الأولى من نوعها منذ العام 2015.
وأشارت الوكالة، إلى أنّ العديد من العائلات المتواجدة حاليّاً في المخيّم، هم من الذين لم يخرجوا طوال الفترة السابقة، أضيف إليهم بعض العائدين خلال الأسابيع الأخيرة، التي اعقبت إعلان مُحافظ دمشق عادل العلبي يوم 6 تشرين الأوّل/ أكتوبر، البدء بالسماح بعودة الأهالي وفق شروط تتعلّق بـ" السلامة الإنشائية للمنزل، وإثبات الملكية والحصول على الموافقات اللازمة".
وبحسب مصادر محليّة متعددة، فإنّ أعداد العائلات التي تمكّنت من العودة، وفق الإجراءات المعلن عنها، لم يتجاوز العشرات بين 70 إلى 200 عائلة على أبعد تقدير، استطاعت الحصول على موافقات أمنيّة، بعد أن جرت معاينة منازلها وتبيّن أنها ما تزال صالحة للسكن، وسط غياب تام للبنى التحتية والخدميّة، ودمار قرابة 70% من عمران المخيّم بين جزئي وكامل.
الجدير بالإشارة، أنّ الجهات المعنيّة، سواء محافظة دمشق أو الجهات الأمنية والمحليّة المُناط بها تنظيم عملية عودة الأهالي إلى المخيّم، لم تقدّم حتّى تاريخه، احصاءت للعائلات التي جرى السماح لها بالعودة، في حين تشير مصادر محليّة لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أنّ العديد من الحاصلين على موافقات، لم يتمكّننوا من السكن في المخيّم، لغياب كافة عوامل العيش، وعدم تلقيهم اي نوع من انواع الدعم، لترميم منازلهم، وعدم حصولهم على الحد الأدنى من الخدمات.
ومنذ الإعلان عن السماح بإعادة الأهالي، يصطف المئات يومياً عند النقطة الأمنية التي خصصت لاستقبال الطلبات عند مدخل شارع الثلاثين المحاذي لمخيّم اليرموك، وسط شكاوى من تعقيدات كبيرة تواجههم، إضافة إلى ما يصفوها بـ"الفوضى" في المعاملات وتحديد الأوراق المطلوبة، حيث اشارت عدّة شكاوى إلى أنّ المتقدّمين يصطفون يوميّاً منذ الساعة السابعة صباحاً حتّى فترة ما بعد الظهر، ولا يتسنّ سوى لعدد قليل تقديم طلباتهم، وفق عملية التنظيم التي يتبعها موظفوا البلديّة، التي تعتمد على توزيع أرقام على المتقدمين والمناداة عليها تباعاً.
فيما يتزامن ذلك، مع استمرر مجموعات اللصوص الذين يُعرفون بـ"العفيشة" عملياتهم، في سرقة ما تبقّى من مقتنيات الأهالي، إضافة إلى أساسات البنى التحتيّة للمنازل، كالبلاط والسيراميك والحديد والعدد الصحيّة، حسبما أكّد شهود عيان من أهالي المخيّم لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين".
ويأتي ذلك، بعد ثماني سنوات على مجزرة الميغ والنزوج الكبير، التي بدأت يوم 16 من كانون الأوّل/ ديسمبر 2013، حين قصفت طائرة حربيّة من طراز "ميغ" مسجد عبد القادر الحسيني في قلب المخيّم، وتسبب ذلك في حدوث مجزرة راح ضيحتها أكثر من 150 مدني بين قتيل وجريح.
وبدأت عقبها عمليات نزوح جماعية عُرفت بـ" النزوح الكبير" استمّرت إلى أن أطبق النظام السوري وحلفائه حصارهم على المخيّم في منتصف العام 2013، وتبعتها موجات نزوح بعد اقتحام عناصر تنظيم " داعش" لمخيم اليرموك واحتلاله في نيسان/ أبريل 2015.
وشنّت قوات النظام وحلفائه، يوم 19 نيسان/إبريل 2018، عملية عسكرية واسعة على المخيّم، بهدف استعادة فرض سيطرتها عليه ، مستهلّة ذلك بقصف جوي وبري مكثّف.
واستمرّت الحملة العسكريّة التي كان مُعلنها" القضاء على تنظيم داعش" لمدّة شهرين، تخللها إسقاط آلاف الصواريخ والبراميل المتفجّرة جوّاً وأرضاً، على مخيّم اليرموك، مُحدثةً دماراً واسعاً، وأتت على بناه التحتيّة، في مشهديّة تدمير، قال عنها مراقبون أنّها غير مبررة بأيّ فقه عسكريّ، ولا انضباطيّة حرفيّة في معالجات حرب المدن.
وفي حزيران/ يونيو 2020 أعنت وكانت مُحافظة دمشق، عن مخطط تنظيمي لمخيّم اليرموك يتيح عودة 40% من سكّانه إلى منازلهم الواقعة ضمن المناطق الأقل دماراً، حسبما حاء في المخطط الذي أحيل لاحقاً إلى التريّث، بعد كمّ كبير من الاعتراضات الخطيّة قدمها الأهالي إلى مُحافظة دمشق، وُصفت الأكبر في تاريخ المحافظة.
ومنذ ذلك الحين، يعيش أبناء مخيّم اليرموك حالة تهجير داخلية وخارجيّة متواصلة، وتوقعت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في تقرير النداء الطارئ للعام 2020، أن تظل مستويات التهجير مرتفعة بين اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، حيث أنّ الوصول إلى مخيّم اليرموك ما يزال محدوداً ومستوى الدمار لايزال كبيراً، لذا ووفق الوكالة، من المتوقع أن يظل أغلب سكّانه الذين كان عددهم 160 ألف لاجئ مسجّل في حالة تهجير يضطرون في الكثير من الأحيان إلى دفع إيجارات منازل مرتفعة.