موجة حرّ غير مسبوقة تضرب عموم بلاد الشام، في صيف بدا طاغياً في قسوته على أبناء مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، ولا سيما تلك التي تعاني من انهيار في بناها التحتيّة اثر تعرّضها لعمليات حربيّة في إطار الأحداث السوريّة منذ سنوات، كمخيّم خان الشيح بريف العاصمة السوريّة، الذي يعاني من أزمة مياه مزمنة منذ العام 2016.
غالبيّة منازل المخيّم لا تحصل على كميّة نصف خزّان سعة 5 براميل، أسبوعيّاً
صيف 2021، هو الأقسى، ولم تكن سنوات الحصار أكثر قسوة فيما يخص الواقع الخدمي، حسبما أفاد "ناجي" أحد سّكان المخيّم (اسم مستعار بناء على طلبه)، الذي صوّر لموقع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" جانب من المعاناة التي يعيشها الأهالي في ظل أزمة مياه خانقة، تُضاف إلى جانب الانهيار الخدمي في قطاع الكهرباء والمواصلات والصرف الصحي والهاتف وسواها، الّا أنّ للمياه، الموقع الاكثر أساسيّة في حياة الناس.
يؤكد "ناجي" لموقعنا، إنّ غالبيّة منازل المخيّم لا تحصل على كميّة نصف خزّان سعة 5 براميل، أسبوعيّاً، وذلك بسبب ضعف الضخّ الوارد إلى المنازل من الخزان الرئيسي، إضافة إلى انقطاع الكهرباء الذي يحرم الأهالي من الاستفادة من ساعات الضخّ، واستجرار المياه إلى منازلهم عبر المضخات المنزليّة.
وتشتد الأزمة في الحي الشرقي للمخيّم، لكونه الأكثر بُعداً عن مصادر المياه، ويوضح "ناجي" أنّ القسم الغربي للمخيّم الذي يضم شارع الاسكان العسكري، حظوظ ساكنيه أكبر في الحصل على المياه، حيث أنّ ضخّ المياه من قبل البلدية، يصل إلى منازل سكّانه مباشرةً ولكن دون امتلاك القدرة على رفعها إلى الخزانات، بسبب انقطاع الكهرباء، فيتجه السكّان إلى تعبة براميل وجالونات لاستعمالها في يومياتهم، بينما تُحرم مناطق الحي الغربي بشكل كبير، ومعظم المنازل فيه لم تُعبّاً خزاناتهم منذ أسابيع طويلة.
ويعمد العديد من الأهالي، على طلب المياه من جيرانهم في حال توفّرها، فيما يقضي العديد من السكّان أوقاتاً طويلة من يومهم، للظفر بجالون أو اثنين. بينما يقتصر شراء المياه عبر صهاريج التعبة على بعض الأسر المقتدرة و"النافذة" بحسب تعبيره، نظراً لغلاء الأسعار التي لا تكف عن الارتفاع، ارتباطاً بارتفاع أسعار المحروقات.
وأشار اللاجئ، إلى أنّ سعر من المياه المُباعة عبر الصهاريج بلغ 3 الاف ليرة سوريّة للمتر المكعّب الواحد، في حين تحتاج الأسرة المكوّنة من 5 أفراد إلى تعبة خزان منزلها 3 مرات في الشهر، في حال رشّدت الاستهلاك للحد الأدنى في ظل موجة الحر الشديد التي تضرب البلاد.
"أونروا" مسؤولة عن إغاثتنا بالمياه
وتتذرّع الجهات المسؤولة في منطقة خان الشيح والمخيّم، بأزمة الكهرباء، ولا سيما الجهات الفلسطينية المسؤولة كـ " الهيئة العامة للاجين الفلسطينيين العرب"، والتي تربط ازمة المياه بالكهرباء.
وفي هذا الصدد، لم يكف أهالي المخيّم منذ العام 2020 الفات، عن مطالبة الجهات المعنيّة، بإيجاد حلّ يخفف من حدّة الأزمة، عبر توفير مصادر كهرباء بديلة لضخّ المياه، بعد فشل إمكانيّة مزامنة الضخّ مع ساعات التغذية الكهربايّة الشحيحة.
وكان مقترح قد تقدّم به ناشطون ووجهاء "للهيئة العامة للاجين الفلسطينيين العرب"، بالتدخّل لدى المسؤولين عن المياه، من أجل مزامنة ضخّها مع وجود التيار الكهرباي. الّا أنّ هذا الأمر لم ينجح، بسبب استمرار تردي واقع الكهرباء، وهبوط فترة التغذية إلى 4 ساعات يومياً بشكل متقطّع، وغالباً ما تتوفر الكهرباء في وقت انتهاء دوام موفي المياه.
فالتعمل على توزيع المياه عبر الصهاريج بشكل دوري للمنازل، كجزء من دورها الإغاثي كما توزّع كراتين الإغاثة
وفي هذا السياق، تبرز تساؤلات بين الأهالي عن دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " أونروا" في السعي من أجل إيجاد حلّ لهذه المشكلة الحيوية، ويقول "ناجي" في هذا الصدد :" إنّ الوكالة مسؤولة عن اغاثة اللاجئين الفلسطينيين، وتوفير المياه لهم هو أهم شكل من أشكال الإغاثة" ويضيف :" لماذا لا تعمل الوكالة على انشاء خزان إضافي وتزوّده بمضخّة ومولد كهرباء لتوزيد الأحياء بالمياه" ويستطرد متابعاً :"واذا كان هذا الحل لا يجلب المياه للأهالي، فالتعمل على توزيع المياه عبر الصهاريج بشكل دوري للمنازل، كجزء من دورها الإغاثي كما توزّع كراتين الإغاثة".
يذكر، أنّ الاهمال الخدمي في مخيّم خان الشيح متواصل، منذ توقّف العمليات الحربيّة واستعادة النظام السوري سيطرته عليه منذ تشرين الثاني/ نومفبر 2016، حيث يتواصل الانهيار سواء في البنى الخدمية كشبكات المياه والكهرباء والصرف الصحّي، أو الخدمات الصحيّة والتعليمية، وسط غياب تام للجان التنمية والخدمات وتقصير كبير من قبل وكالة " أونروا" وشكاوى متكررة من قبل الأهالي.