عبّرت منظمة التحرير وفصائل ومؤسسات وشخصيات فلسطينية بأن نتائج مؤتمر المانحين الذي عُقد يوم أمس الجمعة في نيويورك بالولايات المتحدة، جاء مخيباً للآمال، لا سيما أنّ الأزمة المالية التي تُعاني منها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" ستستمر وفق تصريحاتٍ رسميّة للمفوّض العام للوكالة.

التبرعات غير كافية رغم أهميتها

وقال رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير أحمد أبو هولي: إنّ نتائج مؤتمر تعهدات الدول المانحة لوكالة "أونروا" ستساهم في معالجة العجز المالي في ميزانية "أونروا" الاعتيادية والطارئة ولم تغلق العجز المالي بشكلٍ نهائي، لافتاً في بيانٍ له، إلى أنّ المؤتمر حمل رسائل سياسية داعمة لعمل "أونروا"، وشكل نقطة انطلاق جديدة للوكالة وللدول المضيفة نحو تكثيف التحركات باتجاه حشد الموارد لتغطية العجز المالي الذي لا يزال كبيراً ولا يزال يشكل عائقاً أمام الخدمات التي تقدمها "أونروا" إلى اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمسة.

وبيّن أبو هولي، أنّ المساهمات الجديدة التي تعهّدت بها بعض الدول المانحة لميزانية وكالة "أونروا" خلال جلسة المؤتمر بلغت 107.2 مليون دولار وهي غير كافية بالرغم من أهميتها، كاشفاً أنّ العجز المالي بعد المؤتمر يصل إلى 819.7 مليون دولار من اجمالي الموازنة 1.632 مليار دولار، والأموال التي حصلت عليها "أونروا" 812.3 مليون دولار وتشمل التعهدات الجديدة التي حصلت عليها الوكالة خلال المؤتمر.

كما أكَّد أبو هولي، أنّ الأزمة الماليّة لوكالة "أونروا" لا زالت قائمة، وأن التعهدات التي حصلت عليها رغم أهميتها في جسر فجوة التمويل إلّا أنّها لم تعوّض ما خفضته بعض الدول المانحة من مساهماتها لوكالة "أونروا"، مُضيفاً أنّ استقرار ميزانية "أونروا" يتطلب تأمين تمويل كاف ومستدام من الدول المانحة لمعالجة النقص المزمن في التمويل والخروج من التمويل الطوعي غير المستقر، الذي يضع "أونروا" في أزمات متكررة ومتجددة في كل عام.

ودعا أبو هولي، الأمم المتحدة وأمينها العام "أنطونيو غوتيريش" إلى زيادة مساهماتها المالية من ميزانيتها العادية لدعم لميزانية وكالة "أونروا" حسب قرارها الصادر عنها العام الماضي.

مطالبة بتحركات غير تقليدية

من جهتها، قالت دائرة وكالة "أونروا" في الجبهة الديمقراطية: إنّ الحجم المتواضع للتعهدات التي قدمتها الدول المانحة (107.2 مليون دولار أمريكي)، كان متواضعاً ولا يفي لا باحتياجات اللاجئين ولا حاجة "أونروا"، ما يعني أن مختلف الخدمات قد تتوقف بعد شهر أيلول/سبتمبر القادم، "وهو ما سبق وحذرنا منه بوصول "أونروا" إلى مرحلة باتت عاجزة حتى عن ضمان تقديم خدماتها العادية بانتظام، بعد أن وصلت التدابير التقشفية إلى أدنى مستوى لها في ظل ثبات الموازنة على حالها منذ أكثر من عشر سنوات".

وأشارت الدائرة في بيانٍ لها، أنّه كان متوقعاً أنّ لا يكون حجم التعهدات كبيراً، خاصة في ظل المعلومات التي كانت تنشر تباعاً بأن مجموعة من الدول لن تكون قادرة على مواصلة تبرعاتها في العام 2023، ومن يتحمّل مسؤولية إبقاء الوضع على حاله هم أولئك الذين وضعوا رؤوسهم في الرمال وتعاطوا مع أزمة "أونروا" وما تتعرض له من ضغوط وكأنه حالة اعتيادية، وانتظروا حتى وصول الاستهداف إلى مراحل متقدمة من الخطورة صارت فيه الوكالة ليست فقط عاجزة عن دفع رواتب موظفيها، بل ولا تملك القدرة على مواصلة برامجها العادية، فيما العدو الصهيوني ومؤسساته وبعثاته الخارجية اعتبروا أن التصويب اليومي نحو وكالة الغوث هو مسألة مركزية على أجندتهم اليومية.

وجدّدت الدائرة، الدعوة إلى فعل وتحركات غير تقليدية تذكر العالم بالتزاماته تجاه قضية لا زالت دون حل، وهذا أمر لن يتم في ظل حالة الضعف والانقسام الفلسطيني، ولكن بالرغم من ذلك، وإن كانت الدول المانحة تتحمل المسؤولية الأساس في معالجة المشكلة المالية، إلّا أن وكالة الغوث تبقى معنية بالفتح على مصادر تمويل جديدة في اطار الاستراتيجية العامة بتوسيع قاعدة المانحين وطلب المساعدة الجزئية من موازنة الأمم المتحدة وحث دول مانحة على تمويل مستدام وغير ذلك من معالجات محددة في العديد من استراتيجيات "أونروا"، وهذه مسألة يجب أن تحتل الأولوية في اجتماع اللجنة الاستشارية لوكالة "أونروا" الذي سيعقد في بيروت خلال الأسابيع الثلاثة القادمة.

ورأت الدائرة، أنّ الدول التي خفضت مساهماتها هي أولاً غربية وتقول أن لها ملاحظات على عمل "أونروا" خاصة بما يتعلق ببرامجها وموظفيها ومناهجها التعليمية، وثانياً دول عربية أوقفت تمويليها منذ توقيع اتفاقات التطبيع، ما يؤكد أن المشكلة بجذرها سياسية، وأن الشعب الفلسطيني معني بالدفاع عن حقوقه الوطنية ذات العلاقة المباشرة بوكالة الغوث وخدماتها، ونقصد بذلك حق العودة وتفاصيله، بما في ذلك هوية الأرض والتاريخ والذاكرة الوطنية، أو ما يعرف بالرواية التاريخية للشعب الفلسطيني، وكلها عناوين وطنية يجب على كل الشعب الدفاع عنها.

النتائج ستنعكس سلباً على الخدمات المقدمة للاجئين

وفي ذات السياق، يقول مدير مركز دراسات اللاجئين عماد عفانة لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّ "أونروا" كانت أعلنت عن حاجتها لـ 1.3 مليار دولار على الأقل حتى تتمكن من تقديم خدماتها لأكثر من 6 مليون لاجئ فلسطيني، لنهاية العام 2023، وعلى غير العادة لم يقصر الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش في التحذير من الانهيار المالي لوكالة "أونروا"، فلا ندري هل كثافة التصريحات في هذا الاتجاه كانت لتهيئة الأجواء وتطبيع العقول لتقبل فكرة انهيار "أونروا"، أم هو تحذير حقيقي بهدف حث الدول المانحة على الوفاء بالتزاماتها، إلّا أنّ هذه النتائج المخيبة للآمال ستنعكس سلباً على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة للاجئين في 58 مخيماً ذات البنى التحتية المهترئة، في مناطق عمليات الوكالة الخمس.

وشدّد عفانة على أنّ قضية اللاجئين هي قضية سياسية وليست قضية إنسانية فقط، وعليه يقع عاتق مجتمع اللاجئين في جميع مناطق عمليات "أونروا"، تنظيم حراك شعبي على مستوى عالمي للمطالبة بتطبيق القرارات الأممية بعودة اللاجئين الى ديارهم وبيوتهم التي هجروا منها، وكلما ارتفعت أصوات جموع اللاجئين المطالبة بتطبيق حق العودة، كلما بادر المانحون بإغداق الأموال لتهدئتهم، وهذا هو المفتاح الذي على كل اللاجئين استخدامه لتأمين حياة كريمة للاجئين والمخيمات الى حين عودتهم الى بيوتهم التي هجروا منها.

ورأى عفانة أنّه يقع على عاتق اللاجئين الفلسطينيين والمؤيدين والمناصرين لعدالة قضية اللاجئين وحقهم بالعودة، بذل جهود أكثر تنظيماً لمواجهة الضغوط الأمريكية والصهيونية التي تستهدف تجفيف تمويل "أونروا" وانهاءها على طريق انهاء ملف اللاجئين الذي يمثل لب القضية الفلسطينية، مُؤكداً أنّ دوائر شؤون اللاجئين في منظمة التحرير وفي مختلف القوى والفصائل، مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى، ببذل جهود سياسية ودبلوماسية لدى الدول المانحة العربية والأجنبية، كي تتحمل مسؤولياتها المالية على نفس مستوى الاهتمام بالدعم المعنوي والسياسي للوكالة.

مؤتمر المانحين خذل "أونروا" مالياً

أمّا الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين، فقد اعتبرت في بيانٍ لها، أنّ مؤتمر المانحين الذي انعقد في نيويورك قد خذل وكالة "أونروا" مالياً بحيث تم التعهّد بدفع مبلغ 812.3 مليون دولار منها 107.2 مليون دولار مساهمات جديدة، وكانت "أونروا" قد أعلنت عن حاجتها لـ 1.3 مليار دولار حتى تتمكن من تقديم خدماتها لأكثر من 6 مليون لاجئ فلسطيني، لنهاية العام 2023.

وبيّنت الهيئة، أنّ مؤتمر المانحين كذلك خذل اللاجئين الفلسطينيين والمؤيدين والمناصرين لعدالة قضية اللاجئين وحقهم بالعودة، مبديةً قلقها ومخاوفها من انعكاس النتائج على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة أصلاً والتي يعيشها اللاجئون في 58 مخيماً في مناطق عمليات الوكالة الخمسة لا سيما على مستوى أكثر من نصف مليون طالب وطالبة يتلقون التعليم في اكثر من 700 مدرسة تابعة للوكالة، وأعمال البنى التحتية في المخيمات، والخدمات الصحية، ورواتب الموظفين التي ستواجه الوكالة مشكلة في سدادها مع بداية شهر أيلول/سبتمبر 2023.

وعبّرت الهيئة عن أسفها الشديد لتكرار منهجية الدعم الذي تتلقاه الوكالة بحيث يكون هناك تناقض بين الدعم والتأييد المعنوي والدعم المالي.

كما دعت الهيئة كافة الدول المانحة كي تتحمّل مسؤولياتها المالية على نفس مستوى الاهتمام بالدعم المعنوي والسياسي للوكالة.

وتحدث مندوبو 53 دولة يوم أمس خلال المؤتمر، وأعربوا عن تضامنهم مع اللاجئين الفلسطينيين، وأبدوا قلقهم بشأن محنتهم ومصاعبهم المستمرة، بينما طالبوا بضرورة تلبية احتياجات اللاجئين وتأمين حقوقهم.

وجدّد المتحدثون دعمهم لولاية وكالة "أونروا" وخدماتها المقدمة لنحو 6 ملايين لاجئ مسجلين لدى الوكالة في الأردن ولبنان وسوريا والأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس، إلّا أنّ نتائج المؤتمر كانت مخيّلة للآمال.

صباح اليوم، أفادت وكالة "أونروا"، بأنّ المفوّض العام للوكالة فيليب لازاريني، دقّ ناقوس الخطر بشأن أزمة التمويل المتفاقمة لوكالة الغوث.

وفي كلمته أمام مؤتمر إعلان التعهّدات لوكالة "أونروا" لهذا العام في نيويورك، حذّر المفوّض العام لازاريني من خطر انهيار الوكالة، حيث أكَّد المؤتمر على التزامه الطويل الأمد تجاه اللاجئين الفلسطينيين ووكالة "أونروا" من خلال تقديم الدعم السياسي والمالي.

وبحسب "أونروا"، فقد أعاد المجتمعون التأكيد على الدور الهام والذي لا غنى عنه للوكالة من أجل الملايين من اللاجئين.

وأعلنت "أونروا"، أنّ الدول الأعضاء تعهّدت مجتمعة بتقديم 812,2 مليون دولار، منها 107,2 مليون دولار كتبرعاتٍ جديدة.

ومن جهته، قال المفوض العام، إنّ التعهّدات المعلنة على أهميتها، إلّا أنّها أقل من الأموال التي تحتاجها الوكالة للإبقاء على 700 مدرسة تابعة لوكالة "أونروا" إلى جانب 140 عيادة مفتوحة اعتباراً من أيلول فصاعداً.

وأوّل أمس الخميس، تبرّعت الولايات المتحدة بقيمة 153,7 مليون دولار لوكالة الغوث، وذلك لدعم المساعدات الإنسانية والتنمية البشرية والحماية للاجئين الفلسطينيين.

وجاء هذا المؤتمر في ظل أزمةٍ ماليةٍ كبيرة تعاني منها وكالة "أونروا"، وفي وقتٍ سابق دعا المفوّض العام لوكالة "أونروا" فيليب لازاريني، الدول العربيّة إلى إعادة دعمها المالي أو زيادته لوكالة "أونروا" التي باتت تواجه خطر الانهيار، وتكافح من أجل الوفاء بولايتها وتقديم الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين، مُحذراً من انهيار الوكالة بسبب نقص التمويل، مؤكداً أنّ "أونروا" منظمة غير قابلة للاستبدال في ظل عدم الوصول إلى حل سياسي لقضية اللاجئين الفلسطينيين.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد