في أيار / مايو من كل عام يحيي اللاجئون الفلسطينيون في مخيم نهر البارد شمالي لبنان ذكرى نكبتين، النكبة الفلسطينية التي حلت عام 1948 وذكرى نكبة المخيم التي تمثلت بالحرب عليه في 20 أيار/ مايو 2007.
مع مرور الذكرى السابعة عشر لنكبة مخيم نهر البارد، ما تزال الأحداث المؤلمة ما تلاها حاضرة في ذاكرة أهالي المخيم، خاصة مع معاناة طويلة تجرعوها بعد ذلك بسبب التأخر في إعادة الإعمار حتى وصلنا إلى هذا الوقت وما تزال رزم من الأبنية لم تعمّر بعد وسكانها مشردون.
يؤكد سكان المخيم أن النزاع ال1ي جرى في ذلك الوقتن لم تكن لهم فيه ناقة ولا جمل، وعلى الرغم مرور من سبعة عشر سنة كاملة على اندلاع الاشتباكات العسكرية بين الجيش اللبناني وتنظيم فتح الإسلام في المخيم، ما تزال معاناة السكان وكذا النازحين منه على حالها دون جديد.
هذه الحرب كانت بمثابة "نكبة جديدة" عاشها أهالي مخيم نهر البارد المنكوبين أصلاً باحتلال "إسرائيلط لأرض فلسطين وطردهم منها ولجوئهم إلى لبنان، لذا كانت نكتبهم عام 2007 مضاعفة وحجم المأساة كبير جداً، بحسب وصف معظم من قابلهم موقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين، الذين أجمعوا على أن ما زاد الأمر سوءاً هو البطء في عملية إعادة الإعمار وأيضاً قضية عدم التعويض على خسائر أهل المخيم.
وقد خلّفت العمليات التي استمرت في المخيم ما يقارب مدة ثلاثة أشهر بدءًا من أيار مايو 2007 وراءها دمارًا كبيرًا وخسائر هائلة.
موضوع ذو صلة: ألف عائلة في مخيم نهر البارد تكابد التشرد منذ 16 عاماً
يقول عضو اللجنة الشعبية في مخيم نهر البارد مصطفى أبو علي لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إن أهالي المخيم يحييون ذكرى نكبتين، الأولى هي النكبة الفلسطينية عام 1948 والتي هجر أهلنا وأجدادنا على إثرها، أما النكبة الثانية فهي نكبة مخيم نهر البارد عام 2007، وهي مأساة لا زالت مستمرة نتيجة عدم إعمار جزء كبير من المخيم، إضافة إلى عدم إعطاء الحقوق للأهالي نتيجة الدمار الذي حل بالمخيم.
ويشير أبو علي إلى أن هناك تعويضات لم تعطى لأصحابها في المخيم الجديد، عدا عن البيوت التي ما زالت مدمرة حتى الآن ولا يعرف مصيرها.
يتابع أبو علي: أن ماحل بمخيم نهر البارد قتل الآمال والأحلام لسكانه، وهي مأساة مكملة لما حل بالفلسطينيين عام 1948، ويرى أن "ما يمرون به مخطط له مسبقًا كي ينسوا القضية الفلسطينية".
كذلك الأمر، يصف لاجئ فلسطيني في المخيم المعارك التي شهدوها عام 2007 بأنها تمثل نكبة كبيرة للأهالي "لأنهم خسروا جميع ما يملكون، ولكن رغم كل ما مروا به لا زالوا صامدين".
أما بخصوص إعمار المخيم، فلفت إلى أن ملف الإعمار سار وما يزال ببطئ شديد، قائلاً: إن إعمار المخيم لا يستغرق أكثر من سنتين منذ وقوع الحرب، إلا أنه امتد إلى وقتنا هذا 17 عاماً، ما يزال هناك رزمتين لم يتم إعمارهما بعد.
وشكل ملف إعمار المخيم قلقاً لدى الأهالي طيلة السنين الماضي، وجدلاً كبيراً مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" االمسؤولة عن هذا الملف، والتي أجابت على مطالب بتحديد جدول زمني بإنهائه كاملاً العام الماضي بأن هناك 9 % من المخيم لم يعمّر بعد ويحتاج إلى نحو 37 مليون دولار تحاول الوكالة تأمينها من الدول المانحة.
اقرأ/ي الخبر: 9% من مخيم نهر البارد لم يتم إعماره ويحتاج إلى 37 مليون دولار
رد وكالة #الأونروا على تساؤلات نشرت في تقرير سابق للاجئين فلسطينيين في #مخيم_نهر_البارد من ضمن نحو ألف عائلة ما زالت تعاني التشرد منذ 16 عاماً بسبب عدم إعمار منازلها التي دمرت في الحرب على #المخيم عام 2007 pic.twitter.com/dwpOIiV8L6
— بوابة اللاجئين الفلسطينيين (@refugeesps) July 13, 2023
"تتالت النكبات في عدة مراحل من تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، إلى أن وصلنا إلى نكبة نهر البارد، التي كانت تتمة النكبات التي تتالى على الشعب الفلسطيني منذ عام 48 إلى هذا اليوم"، هكذا يقول لاجئ فلسطيني في المخيم لموقعنا، ليضيف: "فليعلم العالم أجمع أننا متمسكون بحق العودة إلى فلسطين، ونحن نربي أجيالاً تلو أجيال لتحريرها، ومهما كلفت من تضحيات".
يرى الشيخ محمود أبو شقير ابن مخيم نهر البارد أن ما شهده المخيم يشكل نكبات متتابعة لأجيال من اللاجئين الفلسطينيين، ويشرح ذلك بالقول: قد شهد على نكبة نهر البارد الجيل الأول الذي خرج من فلسطين فذكرته بالنكبة التي أخرج على إثرها من دياره، وشرد بها من وطنه، ثم كانت النكبة الثانية على من شرد من مخيمات بيروت إثر حرب المخيمات عام 1985 ومجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982، ونكبة ثالثة على من شرد من تل الزعتر وجسر الباشا، مستطرداً: "الشعب الفلسطيني امتحنه الله وابتلاه بهذه النكبات التي ألمت به"
أما جمال يافاوي وهو لاجئ فلسطيني في المخيم فلفت إلى أن معاناة الشعب الفلسطيني لا تنتهي إلا بتحرير فلسطين بصبر وتحدي.
وعلى صعيد متصل، يصف اللاجئ في مخيم نهر البارد فادي عسقول منزله بعد إعماره كأنه قفص نظرًا لضيق مساحته بعد إعماره إبان الاقتتال، لافتاً إلى البطالة المستشرية التي تعصف بالشباب في المخيم.
والحال هذه ينظر الفلسطينيون إلى حالهم بعد 76 عامًا على نكبة فلسطين المستمرة، ويشهدون نكبات آخرها نكبة قطاع غزة جراء حرب الإبادة "الإسرائيلية" المتواصلة ضده منذ سبعة أشهر، ولكن معظمهم، يحدوهم الأمل بغد أجمل تزال فيه هذه الغمة عن الشعب الفلسطيني ويتحرر وطنه ويعود إلى أرضه.
معلومات عن مخيم نهر البارد