ارتقى اليوم الأحد الرضيع جمعة البطران، الذي يبلغ من العمر أقل من شهر واحد، في وقت تدهور حال توأمه علي، جراء البرد الشديد، في خيمة في دير البلح، وسط قطاع غزة.
وأفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم الأحد، بوفاة رضيع يبلغ من العمر 20 يوما في قطاع غزة، بسبب البرد وانخفاض درجات الحرارة، ما يرفع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء البرد في القطاع خلال أسبوع إلى خمسة بينهم أربعة أطفال تتراوح أعمارهم بين 4 إلى 21 يوماً، ويأتي استشهاد الرضيع بعد يومين من استشهاد الممرض الفلسطيني أحمد الزهارنة جراء البرد في خيمته بمواصي خان يونس جنوبي قطاع غزة.
وأشارت الوزارة في بيان لها، إلى أن الرضيع جمعة البطران توفي نتيجة البرد، فيما لا يزال شقيقه التوأم يتلقى الرعاية الطبية بقسم العناية المركزة في مستشفى شهداء الأقصى.
وقال والد الرضيعين التوأم يحيى البطران: إن طفله جمعة توفي نتيجة البرد القارس داخل الخيمة، وأضاف: "نحن نعيش في الشارع، لا نملك أغطية كافية لتدفئة أطفالي".
العجز يحيط بالفلسطينيين في القطاع
وتابع وهو يحتضن طفله المتوفى: "هربنا ونزحنا من الشمال وربنا نجانا، جئنا إلى هنا متنا من الجوع والبرد، تخيل أن أطفالك الاثنين يموتوا أمامك وأنت لا تستطيع أن تفعل لهم شيئا.. ماذا أفعل؟".
وصرخ بألم: "ماتوا أهلي وأخوتي ونسايبي وأولاد أخي، والآن أولادي التوأم.. لا أملك أغطية لا نملك شيء، نعيش 8 أفراد داخل الخيمة لا نملك إلا 4 أغطية".
وفي تصريح آخر له من داخل خيمته بدير البلح، أكد أنه يرقع الخيمة بكفن حصل عليه من المستشفى بعد وفاة رضيعه، قائلاً: "أنا وأولادي تم تكفيننا ونحن على قيد الحياة".
وأضاف أن الإمام الذي صلى على ابنه جمعة أعطاه عباءة من الصوف كان يرتديها وغطاء لطفله الرضيع الأخر وقال له: "هذا ما أستطيع أن أقدمه لك"، في موقف يصف حالة العجز الذي يعيشها أهالي القطاع مع عدم توفر أي موارد لهم سواء من الغذاء أو اللباس ومستلزمات التدفئة.
ويعيش نحو مليوني نازح فلسطيني هجرتهم حرب الإبادة، ظروفاً إنسانية قاسية تسببت خلال الأيام الماضية بوفاة أربعة رضع بسبب شدة البرد الذي يعانيه النازحون في الخيام على وقع القصف "الإسرائيلي" العنيف الذي يستهدف الخيام ومراكز الإيواء، وسط انعدام المأوى وشح المساعدات الإنسانية.
ويتركز وجود هؤلاء النازحين في منطقة "المواصي" الممتدة على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط من جنوب مدينة دير البلح وسط القطاع وحتى شمال مدينة رفح جنوب القطاع والتي لجأ إليها مدار أشهر الإبادة أكثر من مليون و700 ألف نازح فلسطيني، وفق معطيات نشرتها منظمة المساعدة الإنسانية الدولية "أوكسفام" في حزيران/ يونيو الماضي.
وعانى النازحون في هذه المنطقة الرملية من ظروف معيشية صعبة للغاية وسط نقص إمدادات المياه والغذاء ومستلزمات الحياة الأساسية.
7 أفراد يعيشون في خيمة مهترئة دون أغطية وملابس شتوية
وأحد هؤلاء النازحين، الفلسطيني محمد صالح طوطح وهو رب عائلة مكونة من 7 أفراد قد نزحت من حي الزيتون ثلاث مرات، الأولى إلى مخيم النصيرات وسط القطاع والثانية إلى مدينة رفح وصولاً إلى مدينة خان يونس جنوباً، ويعيش داخل خيمة مهترئة أو ما هو شبيه بخيمة.
ويعجز طوطح عن شراء شوادر مصنوعة من النايلون من أجل تغطية خيمته التي صارت مهترئة مع مرور الوقت وهبوب الرياح ما جعلها غير صالحة لحمايتهم من أمطار الشتاء وبرده القاسي.
ويقول طوطح: "تعيش معي في الخيمة ابنتي وابنها وهي زوجة شهيد لا أستطيع صناعة خيمة لها نطلب مساعدتكم في أن تجدوا لنا خيمة".
وتعتاش عائلة طوطح من فرن مصنوع من الطين تخبز عليه زوجته ما تيسر من الخبز في حال توفر لها الطحين، وتبيعه للنازحين الذين يعيشون في نفس المخيم، وبالكاد يمكنهم استخراج مبلغاً قدر بنحو30 شيقلاً يؤمن لهم ما يمكن تأمينه من الطعام الذي صار هو أيضاً مفقوداً وجل الوقت لا يتوفر منه سوى العدس.
حلم الفلسطيني صار خيمة!
تؤكد زوجة طوطح أن المخيم الذي يجمع عدداً من العائلات الفلسطينية النازحة يفتقر لوجود أي نوع من المساعدات أو التكيات الخيرية ما يدفعهم لتقسيم رغيف الخبز على أفراد الأسرة جميعاً الذين يعيشون داخل الخيمة دون فراش أو أغطية أو ملابس الشتوية أو أحذية للأطفال.
وتقول زوجة الفلسطيني النازح طوطح : "نعاني كثيرا ووضعننا صعب خاصة في فصل الشتاء لأنه لا يوجد فراش ولا غطاء، نعتاش على شوربة العدس، ونغرق في الأمطار".
وتابعت:" نريد خيمة من أجل تدفئتنا أو نستطيع ان ندعّم هذه الخيمة بشادر، في الشتاء الوضع يشتد صعوبة خلال الحرب، وهذه الأغطية حصلنا عليها من المساعدات وكل فردين ينامون جنب بعضهم البعض بغطاء واحد ولا يمكننا شراء شوادر لتغطية الخيمة بالكاد نستطيع تدبير لقمة الطعام".
ويحذر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، من خطر موت يهدد آلاف النازحين الفلسطينيين مع توقعات هطول أمطار غزيرة خلال الأيام القادمة يصحبها هبات قوة من الرياح مع ارتفاع الأمواج إلى أكثر من مترين، ما يزيد من احتمالية تأثيرات المنخفض على المناطق الساحلية الممتلئة بخيام النازحين.
وأكد الإعلام الحكومي خلال بيان له أن خطراً كبيراً يهدد خيام النازحين الذين يعانون أصلاً نتيجة جرائم الاحتلال "الإسرائيلي" بحقهم وهدم منازلهم وأحيائهم السكنية، وإرغامهم على النزوح إلى خيام مهترئة لا تقي من برودة الشتاء ولا من موجات الصقيع القاسية.
وأشار الإعلامي الحكومي إلى اهتراء 110 ألف خيمة تزامناً مع موجات الصقيع الشديدة، لافتاً إلى أن مليوني نازح يعيشون منذ أكثر من سنة كاملة في خيام مصنوعة من القماش، أصبحت الآن غير صالحة للاستخدام بفعل عوامل الزّمن والظّروف الجوية.