دخل اليوم الخميس، 30 كانون الثاني/ يناير، قانونا الكنيست "الإسرائيلي" اللذان يستهدفان وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" حيّز التنفيذ، ما ينذر بحرمان عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين من خدمات حيوية، ويهدد بكارثة إنسانية، وفقاً لتحذيرات الناطق باسم الوكالة.
وتتضمن التشريعات الجديدة حظراً شاملاً لنشاط "أونروا" داخل ما يسميه كيان الاحتلال "المناطق ذات السيادة الإسرائيلية"، ما يشمل تشغيل المكاتب التمثيلية وتقديم الخدمات، إضافة إلى فرض حظر صارم على أي تواصل مع الوكالة، الأمر الذي يعزلها تمامًا عن المشهد الإنساني في القدس الشرقية.
وتأتي هذه الخطوة في أعقاب إبلاغ سفير "إسرائيل" لدى الأمم المتحدة، داني دانون، الأمين العام أنطونيو غوتيريش، بضرورة إخلاء الوكالة جميع مقارها في القدس المحتلة بحلول الخميس. وهو ما اعتبرته الأمم المتحدة استهدافًا مباشرًا لمهامها الإنسانية.
واليوم الخميس، حذّر المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" جوناثان فاولر، من أن وقف عمليات الوكالة في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، سيؤدي إلى انهيار الخدمات الأساسية التي يعتمد عليها آلاف اللاجئين الفلسطينيين، بمن فيهم المرضى والطلاب.
وأكد أن غياب البدائل الحقيقية يجعل من إنهاء عمل وكالة "أونروا" كارثة إنسانية تفاقم معاناة اللاجئين.
موضوع ذو صلة : تصفية "أونروا".. مشروع أمريكي –إسرائيلي لإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين
وأشار فاولر إلى أن مجمع "أونروا" في القدس الشرقية تابع للأمم المتحدة، ويتمتع بالحماية بموجب اتفاقية عام 1946 بشأن المواقع الدبلوماسية، مؤكداً أن ما يُنشر في وسائل الإعلام "الإسرائيلية" بشأن خطط لبناء منازل ومحال تجارية في الموقع لا يعدو كونه سعياً لإقامة وحدات استيطانية جديدة.
وشدّد على أن القدس الشرقية تُعد أرضاً محتلة وفق القانون الدولي، مضيفاً: "محكمة العدل الدولية قضت العام الماضي بأنه لا ينبغي لأي جهة القيام بأي شيء لتعزيز الاحتلال".
طرد الموظفين الدوليين ونقل عمليات الوكالة
وكشف فاولر أن السلطات "الإسرائيلية" قصّرت مهلة التأشيرات الممنوحة للموظفين الدوليين لدى "أونروا" لتُصبح سارية حتى 29 كانون الثاني/ يناير فقط، وهو ما يعادل "طردهم"، حسبما أكّد.
وأوضح أنه اضطر مع زملائه إلى مغادرة القدس متوجهين إلى العاصمة الأردنية عمان، قائلاً: "وصلتُ لتوي إلى الأردن. الموظفون الدوليون في المقر الرئيسي نُقلوا إلى مكان آخر حتى نتمكن من استئناف عملنا، لكننا لا نملك أي رؤية واضحة بشأن مستقبل عملياتنا".
أما الموظفون المحليون، الذين يشكلون غالبية العاملين في "أونروا"، فقد أُبلغوا بعدم التوجه إلى المجمع بسبب المخاطر المحتملة، خاصة في ظل إعلان مجموعات "إسرائيلية" عن تنظيم مظاهرات أمام المقر في القدس الشرقية.
الامتثال للأوامر "الإسرائيلية" والمخاوف الأمنية
وفي رده على سؤال حول الامتثال للأوامر "الإسرائيلية" رغم أن القدس الشرقية أرض محتلة، قال فاولر: "كل من يعمل لصالح الأمم المتحدة يحتاج إلى تأشيرة من الدولة التي يعمل فيها، ونحن لا نمارس عملنا في انتهاك للقانون، حتى لو كان ذلك يعني أن نفعل ذلك مُكرهين. لم يكن لدينا أي خيار آخر".
وتحدث عن المخاطر الأمنية التي تواجه العاملين في المجمع قائلاً: "واجهنا العام الماضي هجمات حرق متعمد، وشهدنا مظاهرات عنيفة خارج المجمع، وتعرضنا لحوادث رشق بالحجارة بانتظام. أنا شخصياً تعرضت لذلك. أثناء محاولتنا إطفاء الحرائق باستخدام طفايات الحريق، كان المتظاهرون يرشقوننا بالزجاجات والحجارة".
وأضاف: "هذا المجمع محمي بموجب اتفاقية عام 1946 بشأن المواقع الدبلوماسية، ويفترض أن يتمتع بالحصانة. لكن هناك رواية مختلفة تروجها بعض الجهات الإسرائيلية ووسائل الإعلام، تزعم أننا لا نملك عقد إيجار ساريًا للمجمع، وتروج لخطط استيطانية لبناء منازل ومتاجر في الموقع".
مستقبل خدمات "أونروا" في الضفة الغربية والقدس الشرقية
وحول تأثير القرارات "الإسرائيلية" على عمليات وكالة "أونروا"، قال فاولر: "نتمنى لو كنا نعرف. للأسف، ليست لدينا رؤية واضحة حول كيفية التنفيذ، وهذا أشبه بكابوس. من الغريب أن تختار دولة عضو في الأمم المتحدة إلغاء تفويض منظمة أممية مفوضة من قبل الجمعية العامة لتقديم الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين".
وأوضح أن القانونين اللذين أقرهما الكنيست "الإسرائيلي"، والمزمع دخولهما حيز التنفيذ اليوم الموافق 30 يناير، سيؤديان إلى حظر عمليات "أونروا" في القدس الشرقية، بزعم أنها تقع تحت "السيادة الإسرائيلية"، بالإضافة إلى منع أي اتصال بين مسؤولي الوكالة والمسؤولين "الإسرائيليين".
وتساءل فاولر: "هل يعني هذا أن مدارسنا في الضفة الغربية ستتوقف؟ هل ستُغلق عياداتنا؟ هل سيتمكن موظفونا من التنقل؟ هل يمكننا إعادة تزويد عياداتنا بالأدوية؟ هناك خطر حقيقي في أن تؤدي هذه الإجراءات إلى شلل كامل في عملياتنا".
وأكد أن "أونروا" ملتزمة تمامًا بمواصلة تقديم الخدمات، مضيفًا: "لن نستسلم لهذا القرار، لكننا نعلم أن التداعيات العملية وعدم اليقين سيؤثران على عملياتنا بشكل كبير".
وعن الوضع في غزة، أكد فاولر أن "أونروا" لا تزال تحتفظ بوجود دولي هناك، رغم الصعوبات الكبيرة في تنقل الموظفين.
وقال: "قبل الحرب، كان لدينا 13 ألف موظف في غزة، معظمهم في قطاع التعليم. الآن توقف التعليم الرسمي، لكن حوالي خمسة آلاف موظف يواصلون العمل في الخدمات اللوجستية والتخزين وإدارة المساعدات، حيث تعتمد أكثر من نصف الإمدادات الإنسانية في القطاع على الأونروا".
وأشار إلى أن "أونروا" أدت دوراً رئيسياً خلال وقف إطلاق النار، قائلاً: "في الأيام الثلاثة الأولى فقط من الهدنة، استطعنا إيصال الغذاء إلى مليون شخص، والبطانيات إلى غالبية السكان".
واختتم حديثه بتأكيد أن العاملين في "أونروا" يواصلون أداء مهامهم رغم المخاطر الشديدة، مشيرًا إلى أن أكثر من 270 موظفًا في الوكالة استشهدوا منذ بداية الحرب، واصفًا ذلك بأنه "رقم غير مسبوق في تاريخ الأمم المتحدة"
وتقدم "أونروا" خدماتها لأكثر من 110 آلاف لاجئ فلسطيني في القدس، عبر مؤسسات تعليمية وصحية حيوية، مثل مدارسها في مخيمات شعفاط وقلنديا وصور باهر، إضافة إلى عيادة الزاوية الهندية عند مدخل باب الساهرة، ويمثل إغلاق هذه المؤسسات خطراً على آلاف العائلات التي تعتمد عليها في التعليم والرعاية الصحية.
اقرأ/ي أيضا: حظر "أونروا" على الأبواب: مصير حقوق اللاجئين الفلسطينيين محفوف بالخطر