كشف تقرير حقوقي صادر عن منظمة "بتسليم" "الإسرائيلية" لحقوق الإنسان عن تحول جذري في السياسة "الإسرائيلية" تجاه الفلسطينيين في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن الهجوم العسكري "الإسرائيلي" المستمر منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، يشكل عملية إبادة جماعية مقصودة.
وأكد التقرير أن هذا الهجوم "الإسرائيلي" تسبّب في كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث أدى إلى مقتل آلاف الفلسطينيين، وألحق أضرارًا جسيمة بسكان القطاع، شملت الإبادة الجسدية والنفسية، وتدمير البنية التحتية، والمنشآت التعليمية والصحية، واستهداف المساحات المدنية.
كما ركز التقرير على ممارسات الاحتلال في تعذيب آلاف الفلسطينيين المحتجزين دون محاكمة، إلى جانب التهجير القسري الجماعي ومحاولات التطهير العرقي بوصفها أحد الأهداف الرئيسية للحرب الجارية.
كما سلط التقرير الضوء على الهجوم "الإسرائيلي" المنظم على الهوية الفلسطينية، عبر التدمير المتعمد لمخيمات اللاجئين ومحاولة إلحاق أذى جسيم بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، والتي تشكل رمزًا للقضية الفلسطينية.
ووثق التقرير تحويل المستشفيات والمدارس والسجون إلى أهداف عسكرية مباشرة، إلى جانب فرض حصار خانق، تسبب في تجويع السكان، وحرمانهم من المياه والوقود والكهرباء، والاحتياجات الأساسية للحياة.
وأشار التقرير إلى أن هذه الهجمات ترافقت مع تحريض مكثف في الإعلام "الإسرائيلي"، وتصريحات رسمية تعكس نية مبيتة لتدمير المجتمع الفلسطيني في غزة، في ظل تجاهل تام للقانون الدولي.
وأضاف أن "السياسة الإسرائيلية المتبعة تقوم على أسس الإبادة الجماعية، والفصل العنصري، والاحتلال الاستعماري، بهدف تقويض المقومات الوجودية للشعب الفلسطيني عبر التفكيك الجسدي والاجتماعي والنفسي والاقتصادي".
وأكد التقرير أن "ما يجري في قطاع غزة هو تنفيذ لنمط واضح من أنماط الإبادة الجماعية"، وأن إسرائيل تتبع خطابًا وممارسةً ترمي إلى تدمير جماعي يستهدف الفلسطينيين كجماعة قومية، سياسية، وإثنية، كما عرفها النظام القانوني الدولي.
وأشار إلى أن "تصريحات القادة الإسرائيليين في الإعلام وعلى الأرض تؤكد النية الواضحة والمتكررة لتدمير القطاع وسكانه".
وفي تحليله القانوني، بيّن التقرير أن الأفعال "الإسرائيلية" "تدخل ضمن مفهوم جريمة الإبادة الجماعية" وفق اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948، حيث تنطبق عليها المادة الثانية من الاتفاقية التي تشمل "القتل العمد وإلحاق الأذى الجسدي والنفسي والتجويع ومنع الإغاثة وتدمير البيئة السكنية ومنع الولادات والترحيل القسري".
وأشار إلى أن هذه الأفعال تمثل "استراتيجية إسرائيلية ممنهجة ذات طابع بنيوي"، تتجلى في استهداف المدارس والمستشفيات، ومراكز اللاجئين، والتجمعات السكنية، إضافة إلى سياسة التجويع عبر فرض الحصار ومنع إدخال المساعدات، وهي جميعًا أدوات متعمدة للإبادة والسيطرة والقمع.
وذكر التقرير أنه "لا يمكن فصل الهجوم عن سياسة العنف المنظم الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين"، وأن ما يحصل في غزة هو امتداد لنمط الحكم الاستعماري ونظام الفصل العنصري الذي يميّز الفلسطينيين سلبًا عن غيرهم. كما أشار إلى أن النظام "الإسرائيلي يستفيد من نظام إفلات تام من العقاب، وغياب ردود فعل دولية حقيقية.
واعتبر التقرير أن ما تقوم به إسرائيل "يندرج ضمن نمط طويل الأمد من القتل المنهجي"، مشيرًا إلى أن عدد الضحايا منذ بدء الهجوم تجاوز 57 ألفًا، ما يعادل 3% من سكان القطاع بينهم آلاف الأطفال، إضافة إلى اختفاء آلاف الجرحى واحتجازهم في أماكن مجهولة، وممارسة أعمال تعذيب بحق المعتقلين.
وفي الضفة الغربية وثق التقرير ارتقاء 960 فلسطينيا منذ 7 أكتوبر وحتى الآن بينهم 181طفلا حيث شنت 69 غارة على مخيمات اللاجئين شمالي الضفة فيما هجر أكثر من 140 ألف فلسطيني.
وسلط التقرير الضوء على عدوان المستوطنين على التجمعات البدوية وعلى المزارعين الفلسطينيين التي أدت إلى ترحيل 29 تجمعا فلسطينيا من مواقع إقامتها.
ووصف التقرير ما يحدث في الضفة الغربية بأنه انتقال للممارسات التي تحدث في قطاع غزة بنفس المنطقة والمبدأ.
وفي ختام التقرير، دعت المنظمة إلى تدخل فوري من المجتمع الدولي والأمم المتحدة لوقف العدوان، ومنع ارتكاب المزيد من الجرائم، كما طالبت بـوقف توريد الأسلحة لإسرائيل، ودعم آليات المحاسبة الدولية، وتوثيق الانتهاكات لإحالة مرتكبيها إلى المحكمة الجنائية الدولية.