تقرير رقابي: فلسطينيو سوريا في تركيا يعيشون واقعاً هشاً وسط غياب قانوني ومؤسسي

الإثنين 08 سبتمبر 2025

أصدرت مبادرة فلسطينيي سورية للرقابة الشعبية – مرصد تقريراً رقابياً حول أوضاع اللاجئين الفلسطينيين من سورية في تركيا، بعد أكثر من عقد على نزوحهم القسري. وأكّد التقرير أن واقعهم ما يزال يتسم بالهشاشة والضبابية القانونية، في ظل فراغ مؤسسي وتراجع الاهتمام الإعلامي والسياسي بقضيتهم.

وقدّر التقرير أعداد فلسطينيي سوريا في تركيا بين 3,500   و15,000 شخص، موزعين على تجمعات صغيرة في عدة ولايات أبرزها: كيليس، مرسين، ديار بكر، ماردين، مرعش، غازي عنتاب، إضافة إلى تجمعات في الريحانية وأنطاكيا، وأحياء إسطنبول مثل باشاك شهير، إسنيورت، بيلك دوزو، وأفجيلار. مشيراً إلى أن هذا التوزع المبعثر يكرّس ضعف التنظيم المجتمعي، مؤكداً أن الفلسطينيين السوريين في تركيا يشكّلون أقلية صغيرة نسبياً.

وأوضح التقرير أن اللاجئين يواجهون غياب اعتراف رسمي بوضعهم كلاجئين، وتفاوت أوضاع الإقامة، وصعوبة تجديد الأوراق، وخطر الترحيل، فضلاً عن ابتزاز مالي في ملف الإقامات.

وسلّط التقرير الضور على ابرز نقاط المعاناة من الظروف المعيية التي يعيشونها، كاضرارهم العمل في السوق السوداء بأجور متدنية وظروف استغلالية، وغلاء المعيشة وصعوبة الوصول إلى الخدمات، فضلاً عن تحديات في التعليم بسبب العوائق اللغوية، وارتفاع تكاليف الجامعات، وندرة المنح، إضافة إلى مشكلات في الحصول على الرعاية الصحية، حيث يقتصر العلاج المجاني على حاملي "الكملك"، فيما يتحمل الآخرون التكاليف بأنفسهم.

وتضمن التقرير شهادات من لاجئين فلسطينيين في تركيا تعكس جانباً من معاناتهم اليومية، واستعرض شهادة شاب من إسطنبول الذي قال: "أعمل في ورشة خياطة دون عقد رسمي وبراتب أقل من النصف"، فيما أوضحا إحدى الأمهات أم من غازي عنتاب "أطفالي يدرسون بالعربية والتركية معاً، لكنهم ضائعون بين اللغتين." فيما أكد رجل مسن من مرسي "فقدت الكملك ولم أعد أستطيع شراء الدواء."

ولفت التقرير إلى أن غياب الشكاوى العلنية لا يعني انتهاء المعاناة، مشدداً على أن الوضع القانوني الغامض يفتح الباب أمام الاستغلال ويهدد مستقبل التعليم والصحة.

كما أشار إلى غياب دور "أونروا" في تركيا، وعدم وفاء السلطات التركية بوعود أطلقت منذ عام 2014 لتسوية أوضاع اللاجئين، إضافة إلى انشغال الفصائل الفلسطينية بالشأن السياسي على حساب رعاية اللاجئين.

كما تناول التقرير مسألة عودة اللاجئين إلى سوريا، مؤكداً أن هذا الخيار ما يزال غير واقعي لعدة أسباب، أبرزها: الدمار الواسع في المخيمات (خصوصاً مخيم اليرموك)، غياب البنية التحتية والضمانات الحقوقية، تجربة اللاجئين المريرة خلال الحرب، إضافة إلى اندماج جزئي في المجتمع التركي ورغبة كثيرين في استكمال طريق الهجرة نحو أوروبا.

أوقدم التقرير عدّة توصيات للأطراف المعنية بضرورة تحمّل مسؤولياتها الإنسانية والوطنية تجاه اللاجئين الفلسطينيين السوريين في تركيا، وخصص التوصيات أولاً للحكومة التركية بضرورة منح الفلسطينيين وضعاً قانونياً واضحاً وتسهيل تصاريح العمل، ولمنظمات المجتمع المدني وحثّها على  إطلاق برامج دعم لغوي وتعليمي وتقديم مساعدات طبية للفئات غير المغطاة.

وكذلك طالب "أونروا" بضرورة تفعيل في تركيا وتخصيص برامج إنسانية موجهة لهم.، وكذلك للفصائل الفلسطينية في تركيا بضرورة تحمل مسؤولياتها تجاه اللاجئين، وإنشاء أطر دعم قانوني ومعيشي.

وأكد التقرير أن ملف فلسطينيي سورية في تركيا ما يزال منسياً رغم أنه يعج بالمعاناة اليومية الصامتة، مشدداً على أن غياب الصوت لا يعني غياب الوجع، معتبراً حماية هذه الفئة مسؤولية إنسانية ووطنية ودولية، لا تحتمل المزيد من التجاهل.

شاهد حول فلسطينيي سوريا ي تركيا:

مبادرة فلسطيني سوريا

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد