كشف تقرير صادر عن المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان عن مخططات جديدة لسلطات الاحتلال تهدف إلى السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي في الأغوار ومحيط مدينة القدس المحتلة.
وقال المكتب في تقريره الأسبوعي الصادر اليوم السبت إنّ سلطات الاحتلال ناقشت خلال الأسبوع الماضي خططًا لبناء مئتين وثمانٍ وأربعين وحدة استيطانية جديدة في مناطق متعددة من الضفة الغربية، ضمن ستة مخططات لبناء وحدات سكنية في أربع مستوطنات.
وتشمل الخطط بناء مئة واثنتين وحدة في مستوطنة "روتيم" شمال غور الأردن، ومئة وثمانٍ وثلاثين وحدة في مستوطنة "إيلي" جنوب نابلس، وأربع عشرة وحدة في "جفعات زئيف" شمال القدس، وأربع وحدات في "شيلو". كما أصدرت سلطات الاحتلال أوامر بالاستيلاء على أكثر من سبعين دونمًا من أراضي قرى قريوت واللبن الشرقية والساوية في محافظة نابلس، بذريعة "أغراض عسكرية وأمنية"، لإقامة منطقة عازلة حول مستوطنة "إيلي" المقامة على أراضي القرى الثلاث.
وأشار التقرير إلى أنّ المجلس الأعلى للتخطيط التابع للإدارة المدنية "الإسرائيلية" يعقد منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2024 اجتماعات أسبوعية منتظمة لإقرار مشاريع إسكان استيطانية جديدة، في خطوة تهدف إلى تطبيع البناء الاستيطاني وتسريع وتيرته.
وأوضح أنّ هذه الاجتماعات أفضت منذ بداية عام 2025 إلى إقرار ستةٍ وعشرين ألفًا وثماني وسبعين وحدة استيطانية جديدة، وهو رقم قياسي غير مسبوق في تاريخ الاستيطان بالضفة الغربية.
وأكد التقرير أنّ الحكومة "الإسرائيلية" تسعى من خلال هذا النهج إلى تقليل الاهتمام الدولي بملف الاستيطان وإضفاء طابع روتيني على مصادرة الأراضي، في ظل تراجع ردود الفعل الدولية وانشغال المجتمع الدولي بحرب الإبادة على غزة.
كما أعادت سلطات الاحتلال تفعيل قرارات قديمة بالاستيلاء على مئات الدونمات من أراضي قرية قلنديا شمال القدس لصالح مشاريع استيطانية جديدة.
وفي الأغوار الشمالية، كشف التقرير عن قيام مستوطنين بتسييج أكثر من أربعة آلاف دونم من الأراضي الزراعية المملوكة رسميًا لحوالي أربعين عائلة فلسطينية، في واحدة من أوسع عمليات السطو على الأراضي منذ سنوات.
وتعد هذه الأراضي من أجود الأراضي الزراعية في المنطقة، ويملك أصحابها وثائق "طابو" رسمية تؤكد ملكيتهم. وأوضح التقرير أنّ المستوطنين استغلوا الإغلاق العسكري في الأغوار وانشغال العالم بما يجري في غزة لتنفيذ هذا الاستيلاء غير القانوني.
وشهدت مناطق الأغوار تصعيدًا خطيرًا في اعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم، شملت مهاجمة المساكن وتخريب الممتلكات وملاحقة الرعاة وسرقة المواشي، في ظل غياب تام لأي تدخل من سلطات الاحتلال التي توفر الحماية الكاملة للمستوطنين.
وفي محافظة الخليل، واصلت قوات الاحتلال أعمال التجريف وتدمير الأراضي الزراعية في بيت أمر وسعير ومسافر يطا، حيث جرفت عشرات الدونمات الزراعية، وأتلفت السلاسل الحجرية وأشجار الزيتون.
كما هاجم مستوطنون مركبات الفلسطينيين في قرية الزويدين، وأحرقوا ثلاث خيام غير مأهولة في واد الجوايا، واقتلعوا ستين شجرة زيتون في قرية سوسيا.
وفي القدس المحتلة، هدمت بلدية الاحتلال بركسين في بلدة سلوان يعودان إلى المقدسي هاني السلايمة، وأجبرت ناصر أبو رميلة من بلدة الطور على هدم منزله ذاتيًا بحجة البناء دون ترخيص. كما جرفت أرضًا قرب حي الشيخ جراح تعود إلى عائلة كلغاصي ودمرت تجهيزاتها بالكامل دون سابق إنذار.
وفي رام الله، وثّق التقرير إصابة فلسطينيين ومتضامن أجنبي باعتداء مستوطنين على قاطفي الزيتون في ترمسعيا، وإحراق مركبتين في المغير. كما هاجم مستوطنون مزارعين في سلواد ودير عمار وكوبر وأم صفا، ومنعوهم من قطف الزيتون، وأتلفوا الأشجار وسرقوا المحاصيل والمعدات الزراعية.
وفي سلفيت، أصيب الفلسطيني محمود عبد الفتاح حجاج بجروح بعد تعرضه للضرب من مستوطنين أثناء قطف الزيتون في قرية فرخة، فيما حاول آخرون منع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم في وادي أبو سكر جنوب دير بلوط.
أما في نابلس، فقد شهدت قرى قصرة وقبلان وعقربا وسالم وسبسطية سلسلة اعتداءات عنيفة من المستوطنين بمساندة قوات الاحتلال التي أطلقت قنابل الغاز والصوت على المزارعين لمنعهم من قطف الزيتون، فيما جرفت جرافات الاحتلال أراضي بين برقة وبيت أمرين لفرض واقع جديد على الأرض.
وفي طولكرم، اقتحم مستوطن مسلح سهل رامين بمركبة دفع رباعي واستدعى جيش الاحتلال الذي احتجز مزارعين وصحفيين أثناء قطفهم الزيتون، واعتدى على الصحفي حمزة حمدان بالضرب المبرح قبل نقله إلى المستشفى.
أما في جنين، فقد أصيب مزارع من كفر راعي إثر اعتداء جنود الاحتلال عليه أثناء قطف الزيتون، كما أطلق مستوطنون النار على المزارعين لإجبارهم على مغادرة أراضيهم.
وفي الأغوار الشمالية مجددًا، هاجم مستوطنون منزل الفلسطيني ضيف الله الفقير في قرية العقبة، واعتدوا على أفراد أسرته، وحرثوا ثلاثين دونمًا من الأراضي الزراعية، وقطعوا شبكة مياه لأرض أخرى مجاورة، فيما داهمت قوات الاحتلال خيامًا في منطقة الفارسية وصوّرتها تمهيدًا لهدمها.
وأشار التقرير إلى أنّ هذه الاعتداءات تتزامن مع موسم قطف الزيتون، حيث كثّف المستوطنون هجماتهم ضد المزارعين تحت حماية قوات الاحتلال في محاولة لحرمان الفلسطينيين من مصدر رزقهم الأساسي.
ووثق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" واحدًا وسبعين هجومًا للمستوطنين على سبعٍ وعشرين قرية في الضفة الغربية للفترة ما بين السابع والثالث عشر من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، نصفها مرتبط بموسم الزيتون، وتنوعت بين إطلاق النار والاعتداء الجسدي وسرقة الثمار وإتلاف الأشجار.
وخلال الفترة الممتدة من الرابع عشر إلى الثاني والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر، رصد التقرير ثمانيةً وسبعين اعتداءً جديدًا نفذها المستوطنون في مختلف المحافظات، شملت هجمات على قاطفي الزيتون ومنعهم من جمع محاصيلهم واقتحامات للأراضي الفلسطينية وإطلاق مواشيهم بين الأشجار لإتلافها، إلى جانب حالات استيلاء على أراضٍ وتسييجها تمهيدًا للضم، واعتداءات لإتلاف أشجار الزيتون عبر الحرق والتكسير، وإحراق مركبات وورشة لتصليح السيارات وسرقة محاصيل الزيتون في مواقع متفرقة.
كما هاجم المستوطنون تجمعات بدوية أكثر من مرة وواصلوا توسيع الشوارع والبؤر الاستيطانية، فيما شهدت الفترة نفسها هدم منازل ومزرعة وبركسين ومحل تجاري، في إطار سياسة تهدف إلى تكريس السيطرة على الأرض وتضييق الخناق على الوجود الفلسطيني.
