فتحت أعلى محكمة جنائية في إسبانيا تحقيقًا رسميًا ضد عدد من المديرين التنفيذيين في شركة صناعة الصلب الإسبانية "سيدينور"، بتهم تتعلق بـ"التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية"، على خلفية تعاملات تجارية غير قانونية مع شركات أسلحة "إسرائيلية" متورطة في حرب الإبادة على غزة.

وجاءت هذه الخطوة في وقت تتخذ فيه مدريد موقفًا متقدمًا ضمن دول الاتحاد الأوروبي في إدانة حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال "الإسرائيلي" على قطاع غزة، حيث كانت الحكومة الإسبانية قد أعلنت عقب بدء الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 وقف تصدير وتبادل الأسلحة مع كيان الاحتلال، وأكدت مرارًا رفضها لأي علاقة عسكرية أو تجارية تدعم العدوان على المدنيين الفلسطينيين.

وأفادت المحكمة الوطنية الإسبانية في بيان رسمي، بأن التحقيق يشمل رئيس شركة "سيدينور" خوسيه أنطونيو خايناغا واثنين من كبار المديرين التنفيذيين، للاشتباه في بيعهم كميات من الصلب بشكل سري لشركة الأسلحة "إسرائيل ميليتاري إندستريز" دون الحصول على موافقة الحكومة الإسبانية أو تسجيل الصفقة في السجلات الرسمية، رغم علمهم المسبق بأن هذه المواد تستخدم في تصنيع أسلحة توجه ضد المدنيين في غزة.

وأضافت المحكمة أن التحقيق لا يستهدف الشركة كمؤسسة، نظرًا إلى أن عددًا من موظفيها قدّموا بلاغات داخلية، وساهموا في كشف المخالفات ومنع استمرار النشاط غير القانوني، الأمر الذي ساعد على توجيه الاتهام للأفراد المعنيين فقط.

وبحسب مصادر قضائية، فقد استدعى القاضي المحقق المديرين التنفيذيين الثلاثة للمثول أمام المحكمة في الثاني عشر من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، وذلك بناءً على شكوى تقدّمت بها جمعية مؤيدة لفلسطين اتهمت الشركة بالمساهمة غير المباشرة في جرائم الحرب التي تُرتكب ضد الشعب الفلسطيني.

وفي ردّها الرسمي، أصدرت شركة "سيدينور" بيانًا أكدت فيه أنها فوّضت محاميها بمتابعة القضية، وستتعاون مع السلطات القضائية عبر تقديم جميع المعلومات المتوفرة لديها، مشيرة إلى أنها "تثق في نزاهة القضاء الإسباني".

وتزامن التحقيق مع خطوة برلمانية بارزة في مدريد، حيث أقرّ البرلمان الإسباني في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر الجاري قانونًا شاملًا يفرض حظرًا كاملًا على تصدير واستيراد الأسلحة والمعدات العسكرية من وإلى "إسرائيل"، في خطوة غير مسبوقة على مستوى أوروبا.

ووصف رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز القرار بأنه "إجراء ضروري لوقف الإبادة الجارية في غزة"، مؤكدًا أن بلاده لن تكون شريكة في أي نشاط يدعم العدوان على الفلسطينيين.

وقد حصل القانون على تأييد 178 نائبًا مقابل امتناع 169 نائبًا عن التصويت، خلال جلسة شهدت انقسامًا سياسيًا حادًا، فيما نجحت الحكومة في تمريره بدعم من حزب "بوديموس" اليساري.

ويشمل القانون الجديد منع تصدير أي معدات عسكرية أو تكنولوجيا أو سلع ذات استخدام قتالي إلى "إسرائيل"، إلى جانب حظر استيراد المعدات العسكرية أو عبور شحنات وقود الطائرات التي يمكن أن تستخدم لأغراض عسكرية.

كما يتضمّن نص القانون منع الترويج أو تداول المنتجات الصادرة عن المستوطنات غير الشرعية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بما يتماشى مع الموقف الأوروبي الرافض للاستيطان.

وقد أثار القرار غضب الحكومة "الإسرائيلية" التي كانت قد استدعت السفير الإسباني في تل أبيب عام 2024 احتجاجًا على اعتراف مدريد الرسمي بدولة فلسطين، فيما أكدت الحكومة الإسبانية أن سياساتها تستند إلى القانون الدولي الإنساني ودعم حقوق الشعب الفلسطيني في العدالة والحرية.

ويعزّز القانون الجديد مكانة إسبانيا بين الدول الأوروبية القليلة التي اتخذت إجراءات ملموسة لوقف التعاون العسكري مع كيان الاحتلال، في وقت تتصاعد فيه الدعوات الدولية لفرض عقوبات لوقف الحرب المستمرة على غزة منذ أكثر من عام.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين- وكالات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد