عمّت حالة من الغضب والصدمة مخيمات الشمال اللبناني، ولا سيما مخيم نهر البارد، عقب صدور قرار القضاء اللبناني إخلاء سبيل المتهم الرئيسي في جريمة "قارب الموت" التي راح ضحيتها أكثر من 150 شخصًا من الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين في أيلول/سبتمبر 2022.

وقالت الفصائل واللجان الشعبية الفلسطينية في شمال لبنان، في بيانٍ صدر عنها، إنها تستنكر بأشد العبارات هذا القرار، واعتبرته طعنة جديدة لأهالي الضحايا الذين ما زالوا يعيشون مأساة فقدان أبنائهم وسط غياب العدالة.

وأضاف البيان أنّ القرار يشكّل استخفافًا بدماء الأبرياء الذين غرقوا في رحلة اليأس نحو أوروبا، ورسالة سلبية توحي بأن المتاجرين بأرواح الناس يمكن أن يفلتوا من العقاب.

وأكدت الفصائل أنّ القضية تتجاوز بعدها القانوني لتلامس جوهر الإنسانية والكرامة الوطنية، مشيرة إلى أنّ هذه المأساة ليست سوى امتداد لمعاناة اللجوء الفلسطيني المزمنة منذ النكبة، وما يرافقها من ظروف معيشية خانقة تدفع الشباب إلى ركوب البحر بحثًا عن حياة أفضل.

وطالبت الفصائل القضاء اللبناني بإعادة النظر في القرار ومواصلة التحقيقات حتى النهاية، مشدّدة على أن "لا جريمة بلا مجرم، ولا حق يضيع ما دام وراءه مطالب".

كما دعت المؤسسات الحقوقية والإنسانية إلى تحمّل مسؤولياتها تجاه الضحايا وعائلاتهم، ورفع الصوت ضد أي تهاون قضائي، والعمل من أجل إنصاف أهالي الشهداء والمفقودين ومحاسبة المتورطين في الجريمة.

وذكّرت الفصائل بأنّ قضية "قارب الموت" ستبقى حاضرة في وجدان الفلسطينيين، ولن تطوى صفحاتها ما لم تتحقق العدالة.

وكان المركب المنكوب قد انطلق في 21 أيلول/سبتمبر 2022 من سواحل بلدة المنية شمال لبنان متجهًا إلى جزيرة قبرص اليونانية، وعلى متنه أكثر من 150 طالب لجوء من لبنان وسوريا وفلسطين، قبل أن يغرق قبالة جزيرة أرواد قرب طرطوس السورية.

وجرى التعرف على هويات 12 لاجئًا من أبناء مخيم نهر البارد ممن قضوا في الحادثة، وهم: عبد العال خالد عبد العال، رواد السيد (دُفن في مقبرة الشهداء بشاتيلا)، عامر وسام عبد الهادي، سامر أحمد لوحيد، رنين نافذ حسن، ريم محمد فارس إسماعيل، صفاء محمد حداد، سهى واصف عبد العال، رائد محمد فارس إسماعيل، مهلة نافذ حسن، إحسان نافذ حسن، وعبد الله السعيد.

وروى أحد الناجين تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل الغرق، مشيرًا إلى أنّ المهربين أجبروا سائق المركب على الإبحار تحت تهديد السلاح، في ما وصفه بـ"المجزرة التي ارتكبها المهربون بحق الأبرياء الباحثين عن الأمل".

وبينما ينتظر الأهالي إنصاف أبنائهم بعد عامين ونصف على الفاجعة، أعاد قرار القضاء اللبناني بإخلاء سبيل المهرّب بلال ديب، المتورط في الجريمة التي أودت بحياة عشرات الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين، مقابل كفالة مالية قدرها 50 ألف دولار أميركي، جرح البحر المفتوح إلى الذاكرة، مطلقًا مجدداً سؤال العدالة المؤجلة ومثيرًا موجة غضب واسعة في مخيمات الشمال اللبناني.

اقرأ/ي حول الموضوع: "جهاد مشلاوي" يروي تفاصيل رحلة الموت على متن مركب الهجرة المنكوب

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد