نفّذت لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان اعتصاماً جماهيرياً حاشداً أمام المكتب الرئيسي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في العاصمة اللبنانية بيروت، احتجاجاً على "سياسة التقليصات الممنهجة" التي تنتهجها الوكالة في قطاعات التعليم والصحة والإغاثة، وما نتج عنها من اكتظاظ طلابي في المدارس وحرمان اللاجئين من أبسط حقوقهم الأساسية.
وشارك المئات من اللاجئين الفلسطينيين في الاعتصام، مردّدين هتافات غاضبة تندّد بسياسات إدارة "أونروا" في لبنان، وعلى رأسها دوروثي كلاوس، وبما اعتبروه "قضماً ممنهجا لحقوق اللاجئين"، مطالبين بوقف سياسة التجويع والتهميش، وبإعادة تفعيل برامج المساعدات الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين والمهجّرين من سوريا، وزيادة الدعم الصحي ووقف موت الناس أمام المستشفيات لانعدام قدرتهم على تأمين استشفائهم.

وفي كلمة ألقاها رئيس لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، جهاد موعد، وجّه تحية إلى غزة العزّة التي وصفها بأنها "أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة العالمية بصمودها وثباتها وتضحياتها"، مؤكداً أن اللاجئين في لبنان يعيشون "تراجعاً متسارعاً في حقوقهم ومكاسبهم التي كفلتها القوانين الدولية"، منذ أن تسلّمت المديرة الحالية للأونروا في لبنان دوروثي كلاوس مهامها.
وقال موعد إنّ الأوضاع تدهورت بشكل غير مسبوق، "وأن وراء هذا التراجع المذهل أجندة معادية تهدف إلى تيئيس الفلسطينيين ودفعهم إلى البحث عن بدائل عن فلسطين"، مؤكداً أن "الحديث عن أزمة تمويل ليس سوى ذريعة"، وأن كلاوس"هي الأكثر فجاجة وحماسة في تنفيذ مشروع استهداف اللاجئين الفلسطينيين".
وأشار موعد إلى أن استهداف المعلمين ومشروع دمج الصفوف في المدارس يشكّلان جزءاً من خطة تهدف إلى فرض واقعٍ جديد على اللاجئين، وقال :"يريدون وضع الفلسطينيين أمام خيارين: إمّا التعليم وفق أجندتهم، أو لا تعليم، وفي الصحة إمّا الموت على أبواب المستشفيات، أو الخضوع لما يريدون".
وأضاف أن الوكالة التي أنشئت لخدمة اللاجئين "تحولت في عهد كلاوس إلى مؤسسة تدار بعقلية أمنية، وتعمل على إغلاق المدارس والعيادات ووقف المساعدات عن اللاجئين في لبنان والإخوة المهجرين من سوريا"، مشددا على أن المديرة الحالية للأونروا "باتت جزءا من منظومة تتآمر في الخفاء على أبناء الشعب الفلسطيني".
وتابع قائلاً: "الصف الواحد يحشر فيه خمسين طفلاً، وهذا ليس تعليمًا، بل إهانة لأبنائنا، والمريض الفلسطيني يموت على أبواب المستشفيات؛ لأن الأونروا قررت أن الميزانية أهم من حياة البشر".
وأكد موعد أن المخيم الفلسطيني "ليس هامشاً ولا رقماً في جدول، بل روح وناس وكرامة"، وأضاف في كلمته: "شعب عاش النكبة والحصار والجوع لا يخيفه قرار إداري، ولا باب مغلق، ولا سلوك أمني وقح يلاحق الأصوات المطالبة بحقوق اللاجئين".
وطالب جهاد موعد إدارة الأونروا في لبنان بتحمّل مسؤولياتها الإنسانية، وتوجه إليها قائلاً: "أنتم هنا لإغاثة وتشغيل اللاجئين، لا لمعاقبتهم. مهمتكم رعايتهم والسعي لتحسين ظروفهم، ولسنا نطلب معروفاً من أحد، فهذه مسؤوليتكم الدولية تجاه شعب تم تهجيره بالقوة ووُضع تحت رعايتكم بقرار من الأمم المتحدة".

كما دعا موعد إلى تحسين الخدمات الصحية والتعليمية والإغاثية، وإنقاذ مرضى السرطان من خطر الموت، وإعادة المساعدات المالية للاجئين الفلسطينيين المهجرين من سوريا، واستئناف برامج قسم الشؤون الاجتماعية، وإعادة منحة الخمسين دولاراً للأطفال دون سن الثامنة عشرة وكبار السن، مؤكداً أنه "لا يجوز حرمان أي لاجئ من حقه في العلاج".
وفي ختام كلمته، حمّل موعد إدارة "أونروا" والمديرة دوروثي كلاوس مسؤولية التدهور الحاصل، مطالباً الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بـ"إقالة المديرة الصهيونية دوروثي كلاوس"، على حدّ تعبيره، مؤكداً أن "اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وسوريا أصحاب قضية وحق، ولن يتنازلوا عن كرامتهم وحقوقهم مهما كانت الظروف".
واعتبر أن ما يدعو للأسف هو "الصمت الرهيب من معظم الفصائل الفلسطينية إزاء ما يجري"، مؤكداً أن "الحق سيبقى أقوى من كل محاولات الطمس والتهميش".
وختمت اللجنة الفعالية بالتأكيد على رفض سياسة التقليصات والإجراءات العقابية بحق اللاجئين الفلسطينيين، وعلى التمسك بالحقوق الإنسانية والاجتماعية والتعليمية للاجئين باعتبارها "حقوقاً غير قابلة للمساومة أو التنازل".


