أطلقت دائرة اللاجئين ووكالة "أونروا" في الجبهة الديمقراطية في لبنان، خلال مؤتمر صحفي عقد اليوم الاربعاء 10 كانون الأول/ ديسمبر، في مخيم مار إلياس في العاصمة بيروت، ورقة رؤية شاملة حول واقع خدمات وكالة "أونروا" في لبنان في ظل التحديات والمخاطر الراهنة، متضمنة تشخيصاً للأزمة واقتراحات لخطة عمل عاجلة.

وأكدت الدائرة في مستهل المؤتمر، التزامها الوطني والسياسي بالدفاع عن وكالة "أونروا" وفق تفويضها الأممي الصادر بالقرار 302 لعام 1949، بوصفها ركيزة أساسية في حماية قضية اللاجئين وحفظ الذاكرة والرواية الفلسطينية، وارتباطها العضوي بالقرار 194 الضامن لحق العودة والتعويض.

معركة ضد "أونروا"

وأشارت الدائرة إلى أن ما يجري اليوم ليس مجرد أزمة مالية، بل معركة سياسية مكتملة الأركان تقودها الولايات المتحدة والاحتلال "الإسرائيلي"، تستهدف تصفية الوكالة عبر شيطنتها وتجفيف مواردها وممارسة الضغوط على الدول المانحة، بالتوازي مع تدمير منشآتها في غزة، واستهداف موظفيها، وإغلاق مراكزها في القدس، وتقليص مساحات عملها في الضفة الغربية، وصولاً إلى "تشريعات" تمنعها من العمل في الأراضي الفلسطينية المحتلّة.

واحتفت الدائرة بما اعتبرته "انتصاراً سياسياً مهماً"، بعدما جدّدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أيام التفويض الممنوح لـ "أونروا" بأغلبية 151 دولة، مقابل 10 دول صوّتت ضد و14 امتنعت، في إشارة تؤكد ثقة المجتمع الدولي بالوكالة وبضرورية استمرارها.

وحول حماية الوكالة وحماية اللاجئين قدّمت الدائرة وثيقة رؤيتها التي استندت إلى ستة مرتكزات، أبرزها: التمسك الكامل بالتفويض الدولي، باعتباره حماية سياسية وقانونية لحق العودة، رفض تحميل اللاجئين ثمن الأزمة عبر التقليصات وسياسات الدمج، المطالبة بموازنة مستدامة تضمن استمرار الخدمات وتطويرها، الشراكة المجتمعية كضمانة للشفافية وتحديد الأولويات، تعزيز التعاون مع الدول المضيفة ومنظمة التحرير، وتحصين الوكالة إعلامياً ودبلوماسياً أمام حملات التشويه.

صورة قاسية للواقع الفلسطيني في لبنان

واستعرضت الدائرة بلغة مباشرة ما يعيشه أكثر من 200 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان، إضافة إلى عشرات آلاف الفلسطينيين النازحين من سوريا، في ظل انهيار اقتصادي غير مسبوق، وبينت ارتفاع نسب الفقر في المخيمات إلىما بين 70% و80%، وفق تقارير "أونروا" نفسها.

كما أشارت إلى معدلات البطالة بين الشباب والخريجين التي قفزت بشكل كبير مع إغلاق باب التوظيف في الوكالة وقيود قانون العمل اللبناني، وغياب التغطية الاستشفائية الكافية وتحمّل المرضى فروقات مالية باهظة، إضافة إلى تدنّي مستوى التعليم بسبب دمج المدارس واكتظاظ الصفوف التي تصل أحياناً إلى 50 طالباً في الصف الواحد.

كما تحدثت عن تجميد المساعدات النقدية والإغاثية، وتراجع برامج دعم كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، وتوقف برنامج ترميم المنازل الآيلة للسقوط وتعثر البنى التحتية، فضلاً عن البطء في استكمال إعمار مخيم نهر البارد.

كما تحدثت الدائرة بإسهاب عن "خطر الانفجار الاجتماعي"، قائلة: إن استمرار التقليصات يعني: انهيار منظومتي الصحة والتعليم، وتوسّع الهجرة غير الشرعية، وارتفاع معدلات الفقر والجوع، وتراجع برامج الحماية الاجتماعية، وتدهور البنى التحتية في المخيمات، إضافة إلى إضعاف القدرة على الصمود، وبالتالي تهديد وجود الوكالة بوصفها شاهداً دولياً على النكبة.

توصيات ومطالب عاجلة

واطلقت الدائرة في رؤيتها، عدة توصيات منها على المستوى اللبناني، حيث دعت الدائرة الدولة اللبنانية إلى: تعزيز التعاون مع منظمة التحرير والمجتمع المحلي لتوفير شبكة أمان شاملة، والإسراع في إقرار القوانين التي تمنح الفلسطينيين حق العمل والتملك، وتخفيف الإجراءات عن المخيمات والسماح بدخول مواد البناء لترميم المنازل وتحسين شبكات المياه والكهرباء.

أما على مستوى إدارة "أونروا" طالبت الدائرة إدارة الوكالة بوقف سياسة التكيف مع الأزمة وعدم تحميل اللاجئين أي أعباء إضافية، إنشاء صندوق تمويل دولي مستدام يقرّ عبر الجمعية العامة، إعداد خطة طوارئ إغاثية عاجلة، وإطلاق حملات دولية مشابهة لـ"الكرامة لا تقدّر بثمن".

كما دعت الدائرة إلى إيقاف دمج المدارس، ومعالجة الاكتظاظ، وسدّ الشواغر الوظيفية، ورفع التغطية الطبية وتوفير أدوية الأمراض المزمنة، وإنشاء صندوق خاص لمرضى السرطان وغسيل الكلى، وتحسين الشفافية في التوظيف والخدمات، إضافة استئناف كل برامج البنى التحتية، ومنها ترميم مدارس مخيم عين الحلوة واستكمال إعمار مخيم نهر البارد، وتعزيز الشراكة مع المجتمع المحلي.

وأكدت الدائرة أن المرحلة تفرض سياسة وطنية فلسطينية شاملة، تعتمد رؤية موحدة وتكامل الأدوار بين منظمة التحرير والدول المضيفة والحراك الشعبي.

وقدمت الدائرة عدة مقترحات، تضمنت: تشكيل لجنة وطنية عليا تضم اللجنة التنفيذية، ودائرة شؤون اللاجئين، ووزارة الخارجية، والمجلس الوطني؛ تتولى وضع برنامج وطني لمواجهة الاستهداف السياسي للوكالة، ودعم الحركة الجماهيرية والشعبية داخل المخيمات وفي الشتات للدفاع عن الوكالة ورفض تقليص الخدمات، وإدراج قضية حماية الأونروا ضمن أجندة الحركات التضامنية العالمية، إضافة إلى تفعيل الطاقات الإعلامية والثقافية والحقوقية لفضح حملات التشويه وإبراز معاناة اللاجئين وتمسّكهم بالوكالة حتى تطبيق القرار 194.

وشددت دائرة اللاجئين و "أونروا" في الجبهة الديمقراطية على أن الحفاظ على الوكالة واجب سياسي وإنساني وقانوني، لأنها "أحد أعمدة الصمود الفلسطيني". وأضافت أن استهداف الوكالة هو استهداف مباشر لحق العودة وللهوية الوطنية.

وختمت بدعوة شاملة إلى حوار فلسطيني موحد والتحضير لـ مؤتمر وطني وشعبي في لبنان، يهدف إلى صياغة استراتيجية مشتركة وتشكيل لجان متابعة، توحّد الجهد الفلسطيني في مواجهة محاولات التصفية، وتدافع عن حقوق اللاجئين وكرامتهم وصمودهم في مواجهة مشاريع التهجير والتوطين.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين/ متابعات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد