إعداد الوليد يحيى
تحتفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" كإحدى منظمات الأمم المتحدة، باليوم العالمي للتعليم الذي يصادف 24 كانون الثاني/ يناير من كل عام، في وقت تعبّر فيه الوكالة الأممية عن التزامها بتقديم" تعليم نوعي جامع ومنصف لأكثر 530 ألف طفل لاجئ من فلسطين، إلى جانب 8 آلاف شاب في مراكزها المهنيّة".
وأكّدت "أونروا" في هذه المناسبة عبر موقعها الالكتروني، إنّها "تواصل العمل من أجل ضمان الحق في التعليم من خلال تقديم تعليم نوعي، حتى في أوقات الطوارئ".
يأتي ذلك، في ظل مواصلة الوكالة الأممية، تجاهلها إعداد خطّة تعليم طارئة لمئات التلامذة والطلبة الفلسطينيين المهجّرين في الشمال السوري لا سيما من سكان الخيام، رغم العديد من المناشدات التي أطلقت في هذا الصدد.
غياب "أونروا" عن القيام بدورها التعليمي للتلاميذ الفلسطينيين المهجّرين، دفع هؤلاء للالتحاق ببعض المبادرات التعليمية، كخيمة التعليم في "دير بلّوط" التي أسست عام 2018 الفائت، بجهود عدد معلمين من سكّان المخيّم، سعوا لأن يكون للأطفال المهجّرين مدرستهم، التي تنقصها كافة المستلزمات التعليمية، وأوّلها البيئة الصفيّة الملائمة.
فلسطينيون شمالي سوريا محرمون من التعليم
ويُحرم مهجّرو المخيّمات في الشمال، من إتمام حياتهم التعليمية، التي تتوقف في الخيمة المذكورة عند نهاية المرحلة الابتدائيّة، حيث لا يتاح لهم الالتحاق في المدارس الإعداديّة، لعدّة عوامل تعترضهم، أبرزها بُعد تلك المدارس عن منطقة المخيّم، وصعوبة المواصلات، في حين تحول ظروفهم المعيشيّة دون قدرتهم على التنقّل وتحمل مصاريف الانتقال والاستئجار في المدن والبلدات المحيطة، لانعدم الموارد الماليّة واعتمادهم المعيشي على المعونات التي تقدمها الهيئات المسؤولة عن المخيّم.
ولعل حرمان وكالة " اونروا" لأكثر من 1400 عائلة فلسطينية مهجّرة في الشمال السوري من المعونات الماليّة الطارئة، انعكس على أبنائها ممن هم في سن التعليم، وحال دون تحقيق أحلامهم في إتمام دراستهم، لعدم قدرتهم على الخروج من بيئة مخيّمات التهجير، إلى أخرى تتوفر فيها فرص التعليم لأسباب ماديّة، وهو حال الطالبة المهجّرة من مخيّم اليرموك إلى دير بلّوط إسراء عبد الناصر التي حُرمتها ظروف تهجيرها وتهميشها من إتمام عمليتها الدراسيّة.
خسرت إسراء سنتها التعليميّة الأولى بفعل اتفاق التسوية والتهجير عام 2018، الذي اضطّرت على إثره مغادرة جنوب دمشق مع أسرتها باتجاه الشمال السوري، وهناك، قضت عدّة عوامل على فرصها في الالتحاق بالمدرسة الثانويّة، أبرزها بُعد المخيّم عن المدرسة الثانوية التي تبعد عنها 7 كيلومترات في ناحية جندريس، وصعوبة التنقّل بفعل عدّة عوامل طبيعية ومعيشيّة، فخسرت سنتها الثانية وتجاوزها شرط العمر للالتحاق مجدداً بالتعليم المدرسي، إلا أنّه كان بإمكانها مواصلة حلمها في أحد المعاهد، بيد أنّ تكاليفه الباهظة أوقفت حلم اسراء في ظل الفقر المدقع وعدم تلقّي اللاجئين لمعونات " أونروا" الطارئة.
مدارس "أونروا" بسوريا لم تتعاف بعد من آثار الحرب
وفي مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين في المناطق السوريّة، وهي ميادين عمل وكالة "أونروا" وما تزال تمارس الوكالة دورها الوظيفي فيها، يتلقّى المئات من التلاميذ والطلبة الفلسطينيين تعليمهم وسط بيئة صفيّة غير ملائمة، كحال طلبة مخيّم درعا الذين تأثّرت مدارسهم بالعمليات الحربيّة خلال السنوات الفائتة وأخرجتها عن الخدمة، إلّا أنها لم تتحسّن بعد نحو عامين على انتهاء تلك العمليات بفعل اتفاق التسوية في تموز/ يوليو 2018.
ويعاني 650 طالباً وطالبة من أبناء مخيّم درعا للاجئين الفلسطينيين، من ظروف تعليمية غير صحيّة في المدارس البديلة التي افتتحت أبوابها، التي أسست خلال سنوات الحرب، بسبب ضيق الغرف الصفيّة واكتظاظها، وعدم تهويتها بشكل كاف، ما بات يسبب مشاكل صحيّة للطلاب بفعل الضغط والحر الشديد خلال الصيف وعدم وجود ساعة خارجيّة لأوقات الاستراحة، وفق ما ما وثّقت " بوابة اللاجئين الفلسطينيين".
كما لا يبدو الحال في المدارس التي أعادت الوكالة ترميمها، أفضل حالاً في ظل شحّ صرف الموازنات، حيث تتبع الإدارة إجراءات تقنين في تشغيل المدافئ لغرض التوفير بكميّات المازوت الشحيحة، في ظل البرد الشديد الذي تشهده مدينة درعا، ما بات يؤثر على التحصيل العلمي للطلبة.
كما أنّ مشكلة التلاميذ والطلاب مع ضعف التدفئة تمتد إلى منازلهم، خصوصاً أبناء العائلات الفقيرة التي لا تمتلك ثمن شراء المازوت ولا الحطب، فيتبعون تقنيناً داخل المنازل أشد من تقنين المدارس، لضعف مواردهم الماليّة، وضعف معونات " أونروا" في ظل انهيار الأوضاع المعيشيّة في سوريا.
كما امتدّت الشكاوى من رداءة الظروف التعليمية لعدد من المخيّمات خلال العام الدراسي 2019/2020 الجاري، وتلّقت "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" شكاوى من مخيّم جرمانا للاجئين الذي لم تطله العمليات الحربيّة بشكل مباشر، إنّما تأثّرت مدارسه بتحولّها لمراكز لجوء خلال الأزمة، ولم تقم الوكالة بإعادة الأمور لما كانت عليه قبل الأزمة رغم تبدد العديد من نتائجها.
وفي هذا الصدد، وثّقت " بوابة اللاجئين الفلسطينيين" شكاوى من مخيّم جرمانا، حول مشكلات تواجه التلاميذ في مدارس " أونروا"، كاكتظاظ الصفوف، واستمرار دوام العديد من الطلاب في مدارس خارج المخيّم، في حين باتت تتوفر صفوف فارغة في المدارس داخله.
ونقلت اللاجئة أم قصي وهي أم تلميذ في الابتدائيّة، لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إنّ العديد من الأهالي يطالبون بنقل أبنائهم إلى مدارس المخيّم وإعادة الوضع كما كان عليه قبل الأزمة.
وأوضحت أم قصي، أنّ الكثير من الطلّاب ومن ضمنهم ابنها في الصف السادس الابتدائي، يداومون في مدرسة "تلحوم" البعيدة، في حين باتت تتوفر صفوف فارغة في مدرسة "الرامة" وسط المخيّم، مشيرةً إلى وعود كثيرة تلقوها من قبل الإدارة بأن يجري النقل هذا العام.
ولا يبدو الحال في معظم المخيّمات في سوريا بالأفضل، حيث تمتد المشاكل التعليمية الناتجة عن التأثّر بالحرب السوريّة، إلى معظم المخيّمات، ولا سيما التي شهدت تدميراً شاملاً فيها للمنشآت التعليمية والتربوية والتابعة لوكالة " أونروا" كمخيمي اليرموك وحندرات ودرعا، حيث يعيش طلبة تلك المخيمات واقع التهجير منذ سنوات، وسط استمرار غياب الخطط لإعادة تأهيل المدارس وإعادة إعمار المخيّمات المنكوبة.