أهدى الشاب الفلسطيني اللاجئ من قطاع غزة إلى النمسا أسامة خالد جودة التكريم الذي تلقاه من الشرطة النمساوية إلى الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، معبراً عن اعتزازه بهذا التكريم.
ودعا الشاب جودة في تصريح له أقرانه من الشباب الفلسطينيين في أوروبا والعالم إلى أن يكون سلوكهم رافعاً لقضيتهم، وداعماً لها ومصدر أمان واطمئنان لمجتمعاتهم.
وكانت قيادة شرطة فيينا قد منحت الفلسطيني جودة ذا الـ 23 عاماً نيشان الشرطة الذهبي تقديراً لشجاعته في إنقاذ حياة ضابط نمساوي في الهجوم المسلح الذي حدث ليلة الثلاثاء.
سلوك داعم للقضية الفلسطينية
وأكد أسامة أن ما قام به نابع من التربية التي حظي بها في عائلته والمبنية على الإخاء والإنسانية، بعيداً عن المعتقد والدين وأي مرجعية أخرى فلا شيء يسمو على قيم الإنسانية بحسب تعبيره.
ويعتقد الشاب الفلسطيني أن هذا العمل سيكون له رسالته وصداه في المجتمع النمساوي بشكل خاص، متمنياً أن يتسع ليصل إلى عموم القارة الأوربية وجهات العالم الأربع، بحيث يثبت للجميع أن اللاجئ الفلسطيني الوافد إلى أوروبا والعربي وكذا المسلم يحترم قيم هذه المجتمعات ويعمل على تعزيزها، بما يخدم السلم الأهلي والتعايش المشترك في أوساطها، وأن رسالة الفلسطينيين والمسلمين عموماً هي رسالة محبة وتسامح ورحمة والإسلام بريء من كل ما يمت للإرهاب والتطرف بصلة.
من خبر الإرهاب الصهيوني سيقف ضد الإرهاب دوماً
وبينما ينشغل الساسة في أوروبا بالبحث عن مصادر لـ "الإرهاب" في الوجود الإسلامي والعربي هناك، يأتي هذا السلوك من شاب فلسطيني خبر جيداً كيف يعيش شعبه داخل فلسطين ظروف الإرهاب يومياً على يد الاحتلال الصهيوني.
وفي هذا السياق يقول الباحث الفلسطيني القاطن في النمسا حسام شاكر لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إن هذا الموقف من شاب عربي فلسطيني في فيينا يحمل الكثير من المعاني والرسائل المهمة، وخصوصية بأن يكون الشاب فلسطينياً، قد خبر الاعتداءات وحملات ترويع الآمنين في فلسطين، والقصف الهمجي الذي تقوم به قوات الاحتلال الصهيوني.
ويضيف شاكر، إن ذاكرته المحمَلة بكل مشاهد الإرهاب الصهيوني لا شك حركته، كما صرح لوسائل إعلام، لكي يتدخل سريعاً ويحفظ الحياة ويمنح الآخرين فرص الأمن والنجاة في ظرف قاس، ربما لم يجربه أهالي فيينا، لكن الشاب يخبره من خلال تجربة شعبه المؤلمة مع الإرهاب الصهيوني، والتي شجعته في الإقدام على تضحية من نوع فريد.
وأكد الباحث الفلسطيني أن الشاب أقدم على عمل نبيل يعبر عن قيمة التضحية لأجل هذف سامي هو إنقاذ الأرواح، حيث اعتاد الناس أن الشرطة هي التي تقوم بحماية الأرواح وإنقاذها، ولكن نحن هنا إزاء شاب تدخل بجراة وتفاني لأجل إنقاذ عناصر من الشرطة كانت تحمي الناس وتحاول أن تمنع حدوث مجزرة.
يذكر أنّ الشاب أسامة خالد جودة، من مواليد مخيّم جباليا في قطاع غزّة المُحاصر، هاجر مع عائلة إلى النمسا عام 2010 ، بسبب سوء الأوضاع المعيشية في قطاع غزة جراء الحصار المفروض عليه منذ 13 عاماً.
سلوك تصبو له المؤسسات الفلسطينية في أوروبا
من جهته رئيس المجلس التنسيقي لدعم فلسطين في النمسا عادل عبدالله يؤكد أن هذا السلوك هو ما تصبو إليه المؤسسات الفلسطينية والعربية والمسلمة عبر نهجها في تنشئة أجيالها في الوسط الأوربي، لأنها تعتقد جازمة أن قيم الإنسانية والإخاء والتسامح من شأنها تعزيز العلاقات بين اللاجئين وأهل البلاد الأصليين بما يخدم الاندماج العملي والمجدي تعزيزاً لروابط وأواصر العلاقة بين الطرفين، وبما يخدم لاحقاً القضية الفلسطينية.
ويضيف عبد الله أن الفلسطينيين في أوروبا فخورون بعمل هذا الشاب، وهذا جهد المقل وأقل الواجب تجاه بلاد سنعيش يها إلى أن تحين عودتنا إلى فلسطين.
وفي رصد لوسائل التواصل الاجتماعي وعدد من وسائل الإعلام العربية والنمساوية تبين حجم الإعجاب بسلوك أسامة جودة، ومدى التقدير والاحترام له، وكان الاهتمام به لافتاً ومميزاً وكتب عنه عدد كبير من الصحفيين والإعلاميين والناشطين على مستوى العالم.
ووضع معلقون فلسطينيون وعرب، الحادثة في سياق دحض الأقاويل التي ينشرها اليمين العنصري في أوروبا، عن "الإرهاب العربي والاسلامي" مؤكدين أنّ ما فعله الشاب أسامة يعكس القيم الفلسطينية والعربية والإسلامية، بعكس ما يريد المتطرفون من كلا الجانبين إسباغه على ثقافة وقيم المهاجرين في البلاد الأوروبيّة.
ولا شك أن دوافع فخر الفلسطينيين بعمل هذا الشاب تتعزز، بمعرفة أنّ عائلة الشاب أسامة جودة، كانت قد تعرضت لموقف عنصري في عام 2019 الفائت، حين رفض عمدة بلدية مدينة غينسردورف التابع لحزب المحافظين "الحزب الازرق الفاتح" المعادي للاجئين، منحهم حق الانتقال إلى المدينة لكونهم مسلمين.