دعت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في لبنان الموظفين إلى "الالتزام بسياسات الوكالة وقوانينها وأنظمتها"، مهددة من أن أي "ادعاءات بحدوث انتهاكات سيتم التعامل معها وفق العمليات وإلاجراءات المرعية"، يأتي هذا فيما تتواصل ردود فعل بين الموظفين مستنكرةً لإجراءات عقابية اتخذتها إدارة الوكالة بحق اثنين من معلميها على خلفية مشاركتهم بأنشطة وطنية وإنسانية وإغاثية.
وفي رسالة لها إلى الموظفين طالبت مديرة شؤون "أونروا" في لبنان "دوروثي كلاوس" بالالتزام بما قالت عنه "قيم الأمم المتحدة والمبادئ الإنسانية" قائلة: إن عدم الالتزام بهذه القيم والمبادئ قد يعرض الوكالة للخطر، ودعت إلى ضرورة "التكاتف والتوحد لحماية الأونروا التي تتعرض لتدقيق مكثف، وتخضع لتحقيق ومراجعة جارية من قبل مكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية لضمان حيادها".
اقرأ/ي أيضاً: الأزمة بين "أونروا" واتحاد المعلمين في لبنان حلّت، ماذا جرى خلال لقاء الشريف-كلاوس؟
يأتي ذلك عقب اتخاذ الأونروا إجراءات عقابية بحق رئيس اتحاد العاملين في الوكالة ومدير ثانوية دير ياسين فتح الشريف بإيقاف الأول عن العمل لمدة 3 أشهر ومنعه من دخول منشآت الوكالة، ونائب رئيس الاتحاد المعلم رائف أحمد بحسم شهر كامل من مرتب الأخير.
وعبّر مصدر مطلع في اتحاد معلمي وكالة "أونروا" - فضل عدم ذكر اسمه- لبوابة اللاجئين الفلسطينيين عن استنكار العاملين في الاتحاد الإجراءات العقابية التي اتخذتها إدارة الفلسطينيين "أونروا" بحق رئيس الاتحاد فتح الشريف ونائبه رائف أحمد.
وفي الوقت الذي تحولت فيه إقالة مدير ثانوية دير ياسين ورئيس اتحاد المعلمين فتح الشريف إلى قضية أثارت سخطاً واسعاً في صفوف المعلمين والمخيمات عامة، تفاجأ الاتحاد بقرارات عقوبات بحق نائب الأستاذ رائف أحمد وإحالته إلى التحقيق وحسم شهر كامل من راتبه وتأخير العلاوة السنوية، على خلفية مشاركة سابقة له في مسيرة كانت تطالب وزير العمل اللبناني بإقرار حق العمل للفلسطينيين عام 2019.
خبر على صلة: إضراب في مدارس مخيم البص ورفض فصائلي لقرارات "أونروا" بحق موظفيها في لبنان
ماذا تخبأ إدارة الوكالة للموظفين ولماذا في هذا التوقيت؟
وقال المصدر لبوابة اللاجئين: إن "دور أحمد النقابي الفاعل والناقد والمؤثر في تسليط الضوء على قضايا موظفي الأونروا لم يرق للبعض داخل الوكالة وخارجها" متهماً إدارة الوكالة بأنها بدأت تبحث عن قضايا قديمة لاتخاذ إجراءات عقابية بحقه".
وبحسب المصدر، فإن "رائف أحمد يملك ملفاً أبيضاً في ما يتعلق بالشأن السياسي وفي الادارة أيضاً"، وأن القضية التي فتحتها الإدارة بحقه لا تتعدى كونها مشاركة في مسيرة عام 2019 عندما أصدر وزير العمل اللبناني ميشال ابو سليمان قرارات تتعلق بعمل الفلسطينيين في البلاد أثارت حينها جدلاً في تلك الفترة، وأن المسيرة التي شارك فيها طالبت بإقرار حق العمل للفلسطينيين في لبنان ولكن إدارة الوكالة وبعد 6 سنين اتهمته بأنه "يخرق الحيادية" واوضح المصدر ان مبدأ العقوبات مرفوض لأنه مناقض لمبادئ الوكالة التي تطالب بحقوق الإنسان وحقه بالعمل وحقه بالتملك وحقه بالحياة لافتاً الى هناك مليون علامة استفهام بتوقيت الاجراءات وبشكله ومضمونه.
وتساءل المصدر: ماذا تخبأ إدارة الوكالة للموظفين ولماذا في هذا التوقيت والقصة حدثت عام ٢٠١٩؟ وعبر بأن الإدارة "لا تريد أن يعارض أحد سياساتها"
وتابع المصدر: إن هذه الاجراءات لن تثني الموظفين عن دورهم النقابي والنضالي بالدفاع عن قضاياهم وقضايا شعبهم وهذه الإجراءات لن ترهبنا طالما نتحدث في قضايا مشروعة وحقوق معترف فيها بالامم المتحدة وبكل شرعة حقوق الانسان.
اما موضوع الخطوة المقبلة لمواجهة إجراءات "أونروا"، فأشار المصدر إلى أنه لم يُتخذ قرارٌ بعد ولكن ما تقرره المرجعيات الوطنية بشأن القضية "سوف يعمل به فنحن معها لأن هذه القضايا توحد شعبنا والذي نتعرض له يستدعي أن نكون موحدين في مواجهة كل هذه القضايا"، بحسب تعبيره.
هناك بيئة عمل صعبة في الوكالة وحملة ممنهجة لشلّها مالياً والموازنة الموجودة تسمح بالعمل حتى أيار/ مايو
إلا أن "كلاوس" أشارت في رسالتها إلى الموظفين إلى ما وصفته ببيئة العمل الصعبة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، وتزايد الهجمات السياسية على الوكالة، وسط تهديد لقدرة "أونروا" على الوفاء بولايتها، مرجعة ذلك إلى الدعوات المتكررة، لتفكيك الوكالة والحملة الممنهجة لشلها مالياً عن طريق نشر معلومات مضللة، وإشاعة حالة عدم الثقة بين المانحين.
كما حذرت من خطر جدي على استمرار الخدمات الحيوية للوكالة في المنطقة بسبب قرار تعليق التمويل الذي اتخذه عدد أكبر من المانحين، استناداً إلى مزاعم وادعاءات خطيرة حول انخراط 12 من موظفي الأونروا في الهجمات التي وقعت يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، موضحة أن الجهود متواصلة مع شركاء الوكالة، بما فيها في لبنان لحمايتها والحفاظ على قدرتها على تقديم المساعدات المنقذة لحياة اللاجئين الفلسطينيين.
وجاء في الرسالة أن "خمس دول مانحة استأنفت دعمها للوكالة من أصل 16 دولة علقت تمويلها، وقررت دولتان صرف التمويل المخطط له وقررت ست دول زيادة مساهماتها التمويلية. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كثيرة تنتظرنا، فما مجموعه 42% من توقعات موازنة 2024 لا يزال معلقاً من المانحين حتى اليوم".
وأضافت: أن "مواردنا المالية الحالية ستسمح للوكالة بمواصلة عملياتها حتى شهر أيار/مايو، فإن التوقعات المالية على المدى المتوسط تظل غير مؤكدة ولا يمكن التنبؤ بها، ومن المتوقع أن تستمر محاولات إلغاء الوكالة ودورها بحماية حقوق لاجئي فلسطين".
وتابعت "شهدنا بالأمس هواجس أثارها المجتمع المحلي بعد أن أعلنا أنه بسبب النقص الحالي في التمويل في أعقاب تجميد التمويل للأونروا من قبل بعض الدول المانحة الرئيسية، لن تكون الوكالة قادرة على تقديم نفس مبلغ المساعدة في هذه الجولة الحالية من المساعدات النقدية - للعائلات المسجلة ضمن برنامج شبكة الأمان الاجتماعي والفئات المحتاجة الأخرى- كما كنا نوزع في الجولات السابقة".
اقرأ/ي الخبر : تلويح بتصعيد التحركات أمام مؤسسات "أونروا" في لبنان احتجاجاً على تقليص المساعدات
كما أقرت المديرة بهواجس المستفيدين من خدمات الوكالة الناتجة عن صعوبات الحياة اليومية التي يواجهها لاجئو فلسطين في لبنان، حيث وصل معدل الفقر إلى 80% بين أوساطهم.
وحثت "كلاوس" اللاجئين الفلسطينيين على تفهّم محدودية موارد الوكالة والظروف الصعبة التي تواجهها حاليا، مؤكدة مواصلة الجهود لحشد التمويل اللازم للجولات المقبلة، مشيرة إلى "أونروا" تمر بأوقات صعبة للغاية، وتعتمد على صمود موظفيها بينما "تستمر في الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين" على حد قولها.