بين الفقر والحرب، تعيش أسرة فلسطينية لاجئة في مخيم برج الشمالي جنوبي لبنان برفقة 3 من الأبناء المرضى على هامش الحياة بعد أن انقطعت عنها سبل العيش بفعل استمرار العدوان "الإسرائيلي" على البلاد، وتصاعد القصف الذي طال جميع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وتجمعاتهم في مدينة صور، ومعه توقفت أعمال غالبية اللاجئين الفلسطينيين التي لا يكفيهم مردودها بالأساس، وكانوا يعتمدون إلى جانبها على الدعم الذي توفره وكالة غوث اللاجئين وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" وخدماتها التي توقفت أيضاً في المنطقة.
وصار مخيم برج الشمالي للاجئين الفلسطينيين بمدينة صور جنوبي لبنان، يخلو من عدد كبير من سكانه الذين نزحوا خلال الشهر الماضي بعد اشتداد القصف "الإسرائيلي" على محيطه وتهديد جيش الاحتلال لعدد من بلدات وقرى الجنوب اللبناني بالإخلاء.
اقرأ/ي أيضاً: هدوء داخل مخيم برج الشمالي جنوبي لبنان بعد نزوح معظم سكانه
إلا أن عائلة الفلسطيني حسين أيوب كانت إحدى الأسر اللاجئة التي نزحت من المخيم ثم عادت إليه مرة أخرى نظراً لما عاشته داخل مركز "دير القاسي" للإيواء من انعدام لتوفير احتياجاتها الأساسية ومن ثم انسحاب وكالة "أونروا" وجميع المؤسسات الإغاثية منها.
اقرأ/ي الخبر: تخلي "أونروا" عن مركز إيواء "دير القاسي" في صيدا يثير استياء حقوقياً وأهلياً
وكسائر الأسر الفلسطينية يعيش رب الأسرة حسين أيوب حالة من انعدام الاستقرار النفسي والمادي والاجتماعي، في ظل تواصل الحرب وانقطاع سبل العيش عن أسرته لاسيما أنه فقد وزوجته العمل الذي كان يعيلان به أبنائهما المرضى، ما أدى إلى توقف علاج الأبناء.
عمل متوقف ومرضى دون علاج
وينحدر حسين أيوب من بلدة الناعمة قضاء صفد ولد في العام 1974 بعد تهجير والديه من فلسطين ولجوئهم إلى مخيم برج الشمالي في مدينة صور جنوب لبنان، وهو متزوج وله 3 أبناء (بتول، محمد وعائشة)، وتشي تجاعيد وجهه بشقاء الحياة الذي كابده في مخيمات اللجوء ومن ثم الحرب "الإسرائيلية" على لبنان، فهو يعاني من الديسك، وزوجته تعاني من الروماتيزم، وابنته الكبيرة عائشة من غضروف في الحوض وابنه محمد من مرض التلاسيميا، وكذلك عائشة من الروماتيزم.
ولا يمتلك حسين مهنة محددة فيحاول جاهداً العمل بما تيسر من فرص يجدها عساها توفر الطعام له ولأبنائه، وكغيره من العاملين في المخيم، توقفت أعمال حسين ومعها توقفت آمال أسرة كاملة في توفير الطعام، ناهيك عن تأمين العلاج، وغالباً ما يضطر للاستدانة من دكان الجيران لتوفير الطعام للعائلة.
تقول الابنة الكبرى عائشة لبوابة اللاجئين الفلسطينيين": اكتشفت المرض منذ الصغر أثناء ذهابي إلى المدرسة يومياً كنت أعاني من مشكلة في القدم تسبب لي الألم، حينها بدأت رحلة العلاج بين الأطباء منهم من قرر إجراء عملية وآخر اكتفى بالعلاج على أن استمر به".
وأضافت:" لابد أن أتلقى العلاج بالأدوية، أما اليوم ومع استمرار الحرب فلم أعد أستطيع متابعة العلاج بشكل دوري بسبب عدم توفر المال الكافي لشراء الأدوية، ولما صارت الحرب لم أتمكن من العودة إلى الطبيب للمراجعة".
وؤكد والدة بتول أن علاجها صار يكلف مبالغاً باهظة لا يقدرون عليها لا سيما في ظل هذه الأوضاع الصعبة فطبيبها كان يطلب إجراء بعض الصور الطبية والتي بطبيعة الحال سعرها مرتفع.
أما محمد الابن الأوسط يعاني منذ الصغر من مرض التلاسيميا المزمن ومن أعراض تشنج تصاحب حالته المرضية، لا تزول إلا بارتياد المستشفى وأخذ العلاج.
ورغم ذلك اضطر محمد وهو لم يتجاوز الرابعة عشر من عمره إلى ترك المدرسة من أجل العمل للمساعدة في مصاريف البيت والعلاج، وعمل في ورشة لقطف فاكهة الليمون وكان يتقاضى منها أجراً زهيداً.
اما عائشة، الابنة الصغرى فهي مصابة بالروماتيزم، وتحتاج أيضاً إلى علاج غير متوفر بسبب عدم توفر الإمكانيات، ولا تزال تتابع دراستها في الصف الرابع ابتدائي، ومن المتوقع ان تتابع دروسها عن بُعد إعلان وكالة "أونروا" اتباع نظام التعليم عن بعد خلال الحرب "الإسرائيلية" على لبنان وانسحابها من منطقة صور واعتماد مدارس لها في مناطق أخرى كمراكز للإيواء.
العودة من مراكز النزوح رغم الخطر
وكغيرها من العائلات المتعففة في المخيم، نزحت أسرة حسين مع تصاعد القصف في جوار المخيم، وما سببه من حالة من الخوف الشديد بين الأطفال المرضى، فلجأت إلى مدرسة دير القاسي في مدينة صيدا قبل أن تضطر للعودة بعد انسحاب "أونروا" من المدرسة.
وتقول الوالدة أم محمد: في أول أيام النزوح كانت "أونروا" تهتم بالنازحين وتوفر لهم العديد من الخدمات، ولكت تفاجأنا بقرارها إغلاق المدرسة وتحويل النازحين إلى مراكز أخرى وهو ما لم يتناسب مع ظروف عائلتي، لأن المنطقة بعيدة في الشمال ولم يتوفر لنا ثمن المواصلات، فقررنا العودة إلى مخيم برج الشمالي والبقاء فيه، رغم الإحساس بالخطر.
وتعتبر عائلة حسين أيوب واحدة من العديد من العائلات في المخيم التي تعاني من أزمات مركبة، تحتاج لمد يد العون بشكل دائم ، خاصة وأن استمرار الحرب "الإسرائيلية" يلقي بظلال ثقيلة على كاهل هذه العائلات، فلم تعد تستطيع وحدها تأمين لقمة العيش ناهيك عن العلاج.