أعرب ناشطون فلسطينيون في سوريا عن رفضهم الشديد للزيارة المرتقبة لوفد السلطة الفلسطينية إلى دمشق، معبرين أن الوفد "لا يمثل الفلسطينيين في سوريا"، ومتهمين أعضاءه بالتورط في قضايا فساد وباتخاذ مواقف سياسية وصفت بـ “المتناقضة مع مصلحة الفلسطينيين".
ويضمّ الوفد الذي سيتوجه إلى دمشق للقاء قيادة الإدارة السورية الجديدة، شخصيات بارزة في السلطة الفلسطينية، بينهم محمد مصطفى، أحمد مجدلاني، محمود الهباش، وياسر عباس.
فلسطينيو سوريا يرفضون الشخصيات في الوفد
إلا أن الناشطين يرون أن هذه الشخصيات لا تمثل تطلعات الفلسطينيين في سوريا، مستذكرين تصريحات سابقة لبعضهم دعمت الحصار على مخيم اليرموك وأيدت سياسات نظام الأسد السابق خلال الحرب.
وأشار الناشط الفلسطيني سليمان مهنا، إلى توثيقات تتعلق بفساد بعض تلك الشخصيات من بينهم، أحمد مجدلاني المتهم متهم باختلاس 14 مليون شيكل من صندوق "وقفة عز" وسرقة مساعدات مخصصة لقطاع غزة.
ومحمود الهباش المتورط في قضايا اختلاس مالي، إلى جانب تصريحاته المثيرة للجدل التي ساوت بين الدم الفلسطيني و"الإسرائيلي"، ومحمد مصطفى الذي كشفت تقارير استقصائية عن تورطه في تهرب ضريبي وبيع أراضٍ فلسطينية لشركات سياحية، بالإضافة إلى ملفات فساد أخرى تتعلق بصندوق الاستثمار الفلسطيني.
فضلاً عن سمير الرفاعي سفير السلطة في دمشف الذي يواجه شبهات حول اختلاس أموال مخصصة لأسر الشهداء والجرحى، إلى جانب تصريحات تبرر حصار مخيم اليرموك، وكذلك ياسر عباس ابن رئيس السلطة الفلسطينية المنتهية ولايته محمود عباس، والذي يواجه تحقيقات دولية حول ثروته المقدرة بأربعة مليارات دولار.
وفي سياق الرفض الشعبي الفلسطيني السوري لزيارة وفد السلطة الفلسطينية إلى دمشق، عبّر الناشط الفلسطيني ماهر شاويش عن استيائه من سياسات السلطة الفلسطينية والفصائل التي وصفها بـ "المتخاذلة" تجاه الفلسطينيين في سوريا خلال سنوات الأزمة.
شاويش وفي تصريحات لاذعة، وجّه رسائل مباشرة لرئيس السلطة محمود عباس وأعضاء وفده المرتقب قائلاً: "سنتحدث ونصدح برأينا، ليس فقط من أوروبا، بل حتى لو كنا في الصين".
وأكد أن فلسطينيي سوريا "يعرفون تماماً من وقف بجانبهم ومن خذلهم أو تآمر عليهم"، مضيفًا أن الشعارات القديمة لم تعد تنطلي عليهم بعد أكثر من عشر سنوات من المعاناة.
وأشار شاويش إلى أن "ركام بيوت الفلسطينيين في سوريا لا يزال شاهداً على حجم الدمار الذي تعرضوا له، وشهداؤهم لم تجف دماؤهم بعد، فيما لا يزال المعتقلون يقبعون في السجون"، مضيفاً وأضاف أن الفصائل الفلسطينية، سواء تلك التي شاركت في تغطية الجرائم أو التزمت الصمت حيالها، "فقدت ثقة الفلسطينيين بشكل كامل".
دعوة للمحاسبة وكشف الحقائق
ودعا شاويش النخب الفلسطينية السورية إلى تحمل مسؤوليتها في كشف الحقائق وفضح ممارسات الفصائل التي قال: إنها استغلت معاناة الفلسطينيين لتحقيق مصالح حزبية وشخصية، وأكد أن الذاكرة الفلسطينية السورية تختزن أدق تفاصيل الألم والمعاناة، مما يجعل المجتمع الفلسطيني قادراً على التمييز بين من وقف بجانبهم ومن خانهم.
وأضاف: "من حقنا أن نطالب كل مسؤول فلسطيني بجردة حساب عن مدى استجابته للكارثة والنكبة التي حلّت بنا".
وأكد الناشط الفلسطيني أن أي محاولات لإعادة بناء الثقة باستخدام الأساليب القديمة مصيرها الفشل، مشدداً على أن الفلسطينيين في سوريا لن يسمحوا بتمرير مشاريع حزبية أو مصالح شخصية على حساب دمائهم وكرامتهم.
وفي إطار رفضهم للزيارة، نفذ عدد من الناشطين يوم أمس الخميس وقفة احتجاجية سلمية أمام مبنى سفارة السلطة الفلسطينية في دمشق، رفضاً لـ "اختطاف التمثيل الفلسطيني" إلّا أنّ السفارة قامت بتنفيذ وقفة مضادة حشدت فيها كوادر من حركة فتح، ما اعتبره ناشطون سلوكاً قمعياً من قبل السفارة.
يأتي هذا الرفض في وقت تتزايد فيه الانتقادات للسلطة الفلسطينية على خلفية سياساتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين، خاصة في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعاني منها اللاجئون في سوريا والمخيمات الأخرى.
وأكد الناشطون على أهمية أن يكون التمثيل الفلسطيني في سوريا نابعاً من احتياجات المجتمع المحلي وتطلعاته، بعيدًا عن المصالح السياسية والشخصية.