شهدت المخيمات الفلسطينية في لبنان، مساء الأحد 20 تموز/يوليو، سلسلة من التحركات الجماهيرية الغاضبة، شملت وقفات ومسيرات احتجاجية دعماً لأهالي قطاع غزة، وتنديداً بسياسة التجويع والإبادة التي يمارسها الاحتلال "الإسرائيلي"، وسط صمت دولي وعربي.
في مخيم نهر البارد شمال لبنان، نظّمت الفصائل الفلسطينية واللجنة الشعبية وقفة غضب أمام ساحة "لفظ الجلالة"، رفضاً لما وصفوه بسياسة التجويع وكسر الإرادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
الوقفة التي جاءت تحت شعار: "لا للتجويع، لا لتركيع شعبنا الفلسطيني، لا لكسر الإرادة الفلسطينية"، شارك فيها ممثلون عن الفصائل واللجنة الشعبية، إلى جانب حشد من أبناء المخيم.
وألقى خالد السبعيني كلمة باسم الفصائل واللجنة الشعبية، أكد فيها تضامن المخيمات الفلسطينية في الشتات مع غزة المحاصرة، قائلاً: "أهل غزة يجوعون ولكن لا ينكسرون".
وحذّر من كارثة إنسانية تهدد حياة الأطفال والمرضى وكبار السن، نتيجة استمرار الحصار والإبادة "الإسرائيلية" منذ 21 شهراً، في ظل "شراكة أمريكية وصمت دولي وتواطؤ رسمي عربي وإسلامي"، داعياً أحرار العالم إلى التحرك العاجل لوقف المجازر ورفع الحصار، وإدخال المساعدات الإنسانية، ومحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم.
واختتمت الوقفة بالتأكيد على وحدة الموقف الفلسطيني في الداخل والشتات، وتمسك الشعب الفلسطيني بحقوقه ورفضه لمحاولات كسر الإرادة.
وعقب الوقفة، انطلقت مسيرة شعبية بدعوة من نشطاء في المخيم، جابت الشوارع على وقع الهتافات الداعمة لغزة، ورفع خلالها المشاركون الأعلام الفلسطينية وأعلام الفصائل، واختتمت بالدعاء لأهل القطاع، ألقاه الشيخ أحمد عطية.
وفي مخيم البداوي بطرابلس، نظمت مسيرة مماثلة تلبية للدعوة العالمية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وتنديداً بسياسة التجويع ضمن أدوات الإبادة المتواصلة لأهالي غزة.
كما شهد مخيم عين الحلوة في صيدا جنوب لبنان، مسيرة جماهيرية حاشدة، انطلقت من أمام مسجد الجميزة على الشارع التحتاني، وجابت شوارع المخيم بمشاركة واسعة من الأهالي وممثلي الفصائل واللجان والحراكات الشعبية.
ورفع المشاركون الهتافات المنددة بحرب الإبادة والتجويع، منتقدين الصمت العربي والدولي تجاه استمرار الحصار وعدم فتح المعابر لإدخال المساعدات.
وقال وديع العلي، عضو "الحراك الفلسطيني المستقبل" في المخيم، في تصريح لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين":"الهدف اليوم ليس إظهار أهل غزة بأنهم جوعى، بل أنهم يُجوّعون ويحاصرون للأسف من بعض دولنا العربية التي التزمت الصمت والحياد. فالسؤال: هل المشروع الإسرائيلي بالتواطؤ العربي يسعى إلى القضاء على من تبقّى من أهل غزة؟"
وفي مخيم البرج الشمالي، نظّمت حركتا حماس والجهاد الإسلامي مسيرة جماهيرية دعماً لأهالي غزة، ورفضاً لسياسة التجويع الممنهجة، ورفع المشاركون الأعلام الفلسطينية وهتفوا للمقاومة.
وألقى عبد المجيد العوض، المسؤول السياسي لحركة حماس في منطقة صور، كلمة باسم فصائل المقاومة، أكد فيها أن الاحتلال يستخدم التجويع والتعطيش كأدوات للتطهير العرقي ضمن حرب كسر إرادة تستهدف الشعب والمقاومة معاً.
وطالب العوض بتدخل دولي عاجل لإدخال المساعدات المتكدسة على معبر رفح دون تحكم الاحتلال، مشدداً على أن المجاهدين يواصلون تحقيق إنجازات ميدانية رغم طول أمد الحرب، وأن "إرادة المقاومة لم تكسر".
وفي مخيم البص في صور، نُظّمت مسيرة مماثلة تنديداً بحرب التجويع والإبادة، واستنكاراً للصمت العربي والدولي حيالها.
وفي البقاع اللبناني، شارك عشرات اللاجئين، في مسيرة نظمتها حركة المقاومة الإسلامية حماس رفضاً لسياسة الحصار والتجويع، بمشاركة ممثلون عن الفصائل والفاعليات الفلسطينية في المخيم.
وفي كلمة له خلال المسيرة، قال وائل عدوان، المسؤول السياسي لحركة حماس: "إن معركة طوفان الأقصى دخلت شهرها الثاني والعشرين، والمقاومة لا تزال حيّة حتى اليوم، والمقاومة في فلسطين تتصدر مشهد البطولة والملاحم، لا تعرف الكلل ولا الملل."
وأكد عدوان أن المقاومة لا تزال حاضرة وقوية في الميدان، وتعتمد على شبابها في تحقيق الصمود، مضيفاً: "هذا الصمود الأسطوري لشعبنا في غزة هو الذي حقق لأمتنا العزة والكرامة." مضيفاص: "العدو الصهيوني يرتكب المجازر من خلال القتل والتشريد والتدمير، ونقول له: إن المقاومة ثابتة، والشعب ثابت، وقد أفشل خيار التهجير وخيار الاعتقال."
وتابع: "استُشهد من قيادة المقاومة مَن استُشهد، لكنهم ما زالوا في الميدان. العدو اختار الطريق المخزي بحق كل شعوب العالم، ظنّاً منه أن الشعب الذي لم يقتله الرصاص، يمكن أن يقتله الجوع."
وختم عدوان كلمته قائلاً: "نحن في حركة المقاومة الإسلامية حماس، ومن خلفنا وأمامنا الشعب الفلسطيني، سنهتدي بدين محمد، سنجوع ونُحاصَر، ولكننا لن نتخلى عن حبّة تراب من أرضنا، وسنبقى لتحرير آخر شبر منها."
وحمّل عدوان المسؤولية لدول الجوار التي عجزت عن إدخال حتى الدواء لأهالي غزة، وتساءل: "تريدون كسر المقاومة؟ لم تُكسر، وهدف المقاومة هو رفع راية هذه الأمة. وأين الأمم المتحدة؟ إنها تستخدم أيضاً أسلوب التجويع، الذي هو أقدر أنواع الحروب. لماذا تسكتون؟ لأن اليهود هم أسيادكم."
وختم بالقول: "إن مشهد السابع من أكتوبر سيتكرر، والمقاومة هي الوحيدة التي تمنع العدو من تحقيق أهدافه."
تأتي هذه المسيرات ضمن سلسلة تحركات مستمرة ينفذها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان منذ بدء حرب الإبادة "الإسرائيلية" المتواصلة على قطاع غزة، تعبيراً عن وحدة المصير والتمسك بخيار المقاومة، ورفضاً للتجويع ومحاولات كسر الإرادة.