بعد يومين فقط من توقيع صفقة تبادل الأسرى بين "إسرائيل" وحركة حماس، خرج الأسير الفلسطيني هيثم سالم من سجون الاحتلال "الإسرائيلي" من بين مئات الأسرى وهو يعتقد أنه عائد إلى عائلته التي انتظرته طويلاً، لكنه وجد نفسه أمام مأساة تفوق سنوات الأسر حين علم بارتقاء زوجته وأطفاله الأربعة في غارة جوية "إسرائيلية" استهدفت خيمتهم في قطاع غزة.
سالم، الذي اعتقله جيش الاحتلال "الإسرائيلي" من على حاجز شمال غزة قبل إطلاق سراحه، انهار فور تأكده من فقدان أسرته وقال وهو يبكي: إن رؤيا شاهد فيها ابنته قبل أيام من الإفراج عنه كانت نذيراً بما سيحدث مضيفاً أنه لم يصدق نبأ ارتقاء زوجته وأطفاله حتى أكد أفراد من عائلته له الخبر.
تمنيت لو بقيت في السجن وأسرتي على قيد الحياة
وتحدث سالم عن مشاعره حين سمع بخبر إطلاق سراحه بأنه نفسه حدثته بالقول: "يرواغ العدو الصهيوني عندما يخرج الـأسرى من السجون بعض الأحيان يخبرك أنك عائد الى غزة ولكنه يخدعك بنقلك الى غرف أخرى في أفرع السجون الأخرى لذلك لم اصدق أنى عائد إلى أسرتي ولكنني صدمت نما وجدته وتمنيت لو بقيت داخل السجن وعائلتي على قيد الحياة".
ويروي الأسير المحرر تفاصيل من معاناته داخل سجون الاحتلال مؤكداً إن وجبات الطعام كانت بالكاد تكفي عصفوراً، ففي طعام الغداء ما يعادل 3 ملاعق من الرز فقط وملعقتين من الحمص وإنهم كانوا يشربون الماء كي يشعروا بالشبع وأضاف أن الخبز الذي يُقدَّم للأسرى لا يسد الرمق وأن بعضهم كان يقضي اليوم كله صائماً دون طعام حقيقي كما مُنعوا من قراءة القرآن داخل سجن النقب.
لم يصدق أنه سصير حراً إلا عندما رأى شارة الصليب الأحمر ومعبر كرم أبو سالم
كان سالم يعمل كمساعد مدني لتلبية حاجات الأسرى داخل السجن، مشيراً إلى أن سجّاناً "إسرائيلياً" أخبره قبل يومين من الصفقة بأنه سيخرج قريباً لكنه لم يصدق حتى رأى معبر كرم أبو سالم وشارة الصليب الأحمر وأوضح أنه حاول الاتصال بعائلته فور الإفراج عنه لكن أحداً لم يجب على اتصالاته.
ويضيف الأسير المحرر أن صدمة فقدان عائلته فاقت كل ما عاناه في الأسر قائلاً: لا أصدق أنهم رحلوا لقد خرجت جسداً بلا روح كنت أظن أن الحياة ستبدأ بعد السجن لكنها انتهت عند باب الحرية وكنت أتمنى لو بقيت هناك ولم أعرف ما جرى لزوجتي وأطفالي.
صنعت قلادةً لابنتي في السجن ولكن خرجت فوجدتها شهيدة
سالم تحدث أيضاً عن ظروف التعذيب داخل المعتقلات "الإسرائيلية" قائلاً: إن جنوداً اقتحموا زنزانته ليلاً في سجن عوفر بعد أن اتهموه بالصراخ دون سبب وقيدوا يديه، وطرحوه أرضاً قبل أن يصعد فوقه عشرة جنود، مما أدى إلى تمزق ملابسه ومحاولة خنقه كما أشار إلى أن بعض الأسرى في سجن "سدي تيمان" توفوا تحت التعذيب.
وأوضح أن طبيب السجن كان يصف الماء كعلاج لكل الأمراض فيما كان الأسرى يدهنون جلودهم بمعجون الأسنان ومواد التنظيف لمواجهة الجرب والفطريات وقال إن أحد زملائه الذي كان مصاباً بشظايا في رأسه فقد الوعي بعد تعرضه للضرب وأصبح لا يعرف أحداً.
يقول سالم بصوت مثقل بالحزن إن "الحياة بعد الخروج من السجن لم تعد كما كانت، مضيفاً لم يعد للحياة لون ولا طعم أصبحت أبيض وأسود فقط ابنائي كانوا روحي وحياتي لقد صنعت داخل السجن قلادة صغيرة لابنتي احتفالاً بعيد ميلادها لكني عدت لأجدها شهيدة".
ويختم قائلاً إن ما يؤلمه ليس فقدان الحجر أو المال بل فقدان من كان ينتظره على باب البيت قائلاً ليتني بقيت هناك ولم أعرف هذا الألم.
ألمٌ يفوق الوصف
أسير محرر خرج من سجون الاحتلال ضمن #اتفاق_تبادل_الأسرى ليفجع بخبر استشهاد كل أولاده في قصف "إسرائيلي" على قطاع #غزة pic.twitter.com/QTTAzNzLx5
— بوابة اللاجئين الفلسطينيين (@refugeesps) October 13, 2025
وأكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني أن سلطات الاحتلال أفرجت عن 83 أسيراً من أصحاب الأحكام المؤبدة من سجن عوفر، و167 أسيراً من سجن النقب "كتسيعوت"، فيما تم نقل عدد من المفرج عنهم إلى قطاع غزة وجمهورية مصر العربية، وفقاً لبنود الاتفاق.
وكان جيش الاحتلال "الإسرائيلي" قد أفرج عن 1718 معتقلاً من سكان قطاع غزة، إلى جانب الأسرى المحررين من أصحاب الأحكام المؤبدة والعالية، وسط أجواء من الفرح الممزوجة بالدموع، مع بدء تنفيذ المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى بين فصائل المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي".