شهد محيط المقرّ الرئيسي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في بيروت، اليوم الجمعة 12 كانون الأول/ديسمبر، وقفة احتجاجية حاشدة دعت إليها الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، بمشاركة ممثلين عن الفصائل الفلسطينية وشخصيات لبنانية متضامنة، رفضًا لسياسات التقليص التي تطال قطاعات الصحة والتعليم والإغاثة.

وألقى عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية أحمد سخنيني كلمة باسم الجبهة، شكّلت محور الوقفة، وجّه خلالها التحية إلى ممثلي الفصائل والأحزاب اللبنانية، وعائلات الشهداء، وأهالي المخيمات، مؤكدًا أن الاعتصام يأتي تزامنًا مع ذكرى صدور القرار الأممي 194 وذكرى تأسيس "أونروا"، "لرفع الصوت عاليًا ضد الظلم والحصار وسياسات التجويع والتهميش المفروضة على شعبنا".

وشدّد سخنيني على أن ما تتعرض له "أونروا" لا يندرج في إطار أزمة مالية عابرة، بل يمثل استهدافًا مباشرًا ومنظمًا عبر الضغوط السياسية والحصار المالي وافتعال الأزمات، بهدف تقليص دور الوكالة وإضعاف حضورها، وصولًا إلى ضرب حق العودة نفسه.

وأضاف: "الحصار المالي يستخدم سلاحًا آخر للإبادة… يظهر في المريض الذي يحرم العلاج، والطالب داخل الصف المكتظ، والعائلة التي تنتظر مساعدة لا تأتي، والمخيم المنهار تحت الفقر والبطالة"، مؤكدًا أن الأزمة ليست نقصًا في الموارد، بل استهدافًا سياسيًا لدفع الوكالة إلى العجز وتفريغ دورها.

وقدّم المعتصمون جملة من المطالب التي عبّرت عنها كلمة الجبهة، أبرزها: وقف سياسات التقليص فورًا، ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، وإطلاق خطة طوارئ شاملة للصحة والتعليم والإغاثة، وإحياء حملات التمويل الدولية على غرار "حملة الكرامة".

كما طالبوا برفع تغطية الاستشفاء، وإعادة المعالجات الباردة، وتوفير الأدوية لمرضى السرطان وغسيل الكلى، وتوسيع التعاقدات الاستشفائية، ولا سيما في بيروت، وتحسين جودة التعليم وسدّ الشواغر وزيادة المنح الجامعية وضمان الدوام المدرسي الكامل، وتوفير الأمان الوظيفي للعاملين وصون هويتهم الوطنية، إلى جانب تفعيل مشاريع البنى التحتية وترميم البيوت والمدارس واستكمال إعمار مخيم نهر البارد.

وأكد المشاركون ضرورة إعادة المساعدات النقدية بشكل شهري ومنتظم، وضمّ الفئات الأكثر فقرًا والفلسطينيين القادمين من سوريا، وتسوية أوضاع الإقامة المتوقفة منذ أكثر من عام ونصف، وتفعيل الشراكة المجتمعية مع اللجان والمؤسسات الفلسطينية عند صياغة الخطط والسياسات.

وعلى المستوى اللبناني، دعت الكلمات إلى تعزيز التعاون بين الدولة اللبنانية والمجتمع الفلسطيني لتأمين دعم ثابت للوكالة، وتخفيف القيود المفروضة على المخيمات، وإقرار الحقوق الإنسانية والاجتماعية للفلسطينيين. أما على المستوى الفلسطيني، فجرى التشديد على ضرورة اعتماد استراتيجية وطنية موحدة، وتشكيل لجنة مشتركة تقود التحرك الدولي لحماية الوكالة وضمان تمويلها المستدام.

وفي تصريحات لمراسل بوابة اللاجئين الفلسطينيين، قال الأسير اللبناني المحرر من سجون الاحتلال أنور ياسين إن تقليصات "أونروا" تأتي ضمن "مؤامرة تهدف إلى تشتيت الشعب الفلسطيني وضرب حقه في العودة"، مؤكدًا أن الوكالة تتعرض لضغوط أميركية تخدم كيان الاحتلال. وأضاف: "هذه صرخة من المخيمات، حتى لا تصل الأونروا إلى خطوات أخطر قد تمسّ جوهر دورها الإنساني والدولي".

بدورها، شددت سماح مهدي، عضو المجلس القومي في الحزب السوري القومي الاجتماعي، على ضرورة استمرار دور "أونروا"، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية القاسية التي يعيشها الفلسطينيون في لبنان، مشيرة إلى تراجع كبير في أداء الوكالة تمثّل بدمج الصفوف، وإغلاق مدارس، وغياب الترميمات، وقطع المساعدات، بالتوازي مع وصول عشرات آلاف المهجّرين من سوريا.

ورحبت مهدي بقرار تجديد ولاية "أونروا" لثلاث سنوات في الجمعية العامة للأمم المتحدة، معتبرة إياه خطوة أساسية لضمان حقوق الفلسطينيين إلى حين عودتهم إلى مدنهم وقراهم في فلسطين، مؤكدة ضرورة تأمين مصادر تمويل ثابتة ومستدامة للوكالة.

وتأتي هذه الوقفة ضمن سلسلة تحركات احتجاجية متصاعدة في لبنان رفضًا للتقليصات، وسط تحذيرات فلسطينية ولبنانية من أن استمرار استهداف "أونروا" يشكّل خطرًا مباشرًا على حق العودة ووجود الفلسطينيين.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد