تقدّم الكنيست "الإسرائيلي" خطوة إضافية على طريق حظر نشاط وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في سياق الحرب التي يخوضها الاحتلال ضد الوكالة الأممية، بعدما صادقت لجنة الخارجية والأمن، اليوم الثلاثاء 16 كانون الأول/ ديمسبر، بالإجماع، على مشروع قانون يُمهّد لإقراره في القراءتين الثانية والثالثة في الهيئة العامة.
ويأتي المشروع نتيجة دمج ثلاث مبادرات تشريعية، اثنتان خاصتان قدّمتهما عضوتا الكنيست "يوليا مالينوفسكي" و"ليمور سون هَر-ملك"، إلى جانب اقتراح حكومي، جرى توحيدها في نص واحد بعد مناقشتها داخل اللجنة. وقد صوّت ستة أعضاء كنيست لصالح المشروع من دون تسجيل أي معارضة.
ويهدف مشروع القانون إلى وقف نشاط وكالة "أونروا" في قطاع غزة ومناطق السلطة الفلسطينية، مع توضيح صريح بأن تزويد الكهرباء والمياه للعقارات المسجّلة باسم الوكالة يُعد عملاً محظوراً بموجب القانون.
وبحسب التعديل المقترح، لن يكون مزوّدو الخدمات مخوّلين الاستمرار في تزويد أي عقار بالكهرباء أو المياه إذا كان اسم المستهلك المسجّل فيه هو "أونروا".
كما يمنح المشروع سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" صلاحية وضع اليد على عقارات تُعد من "أملاك دولة إسرائيل" وفق زعم الاحتلال، وكانت "أونروا" تستخدمها ضمن مجمّعات محددة، وذلك في إطار تطبيق القانون ومنع أي نشاط مستقبلي للوكالة.
ويأتي هذا التطور بعد أكثر من عام على إقرار قانون يمنع نشاط "أونروا" داخل أراضي ما تُسمّى "دولة إسرائيل"، وينص على أنها "لن تشغّل أي ممثلية، ولن توفّر أي خدمة، ولن تمارس أي نشاط، بشكل مباشر أو غير مباشر، داخل السيادة الإسرائيلية"، كما يحظر على أي جهة رسمية أو شبه رسمية إقامة أي اتصال مع الوكالة أو ممثليها.
غير أن تطبيق القانون أثار خلافاً تفسيرياً حول ما إذا كان تزويد خدمات تقنية كالمياه والكهرباء يندرج ضمن "حظر الاتصال"، ووفق المذكرات التفسيرية لأحد الاقتراحات الخاصة، فإن التعديل الجديد يهدف إلى إزالة أي لبس وفتح الباب أمام "خطوات عملية وفورية" دون الحاجة إلى مسارات قضائية أو إدارية.
وخلال النقاش، شنّ رئيس اللجنة، عضو الكنيست "بوعز بيسموت،" هجوماً حاداً على "أونروا" زاعماً أن موظفيها "كانوا شركاء كاملين في المجزرة الوحشية" التي وقعت في السابع من تشرين الأول وفق تعبيره في إشارة إلى عملية طوفان الأقصى، مدعياً أنهم "لم يكتفوا بالمساعدة، بل قادوا الشر، قتلوا وخطفوا"، وقال: إن الوكالة "تتنكّر منذ سنوات في صورة هيئة إغاثة، بينما هي في الواقع ذراع لحماس، ومخربون يعملون بغطاء الأمم المتحدة"، وفق مزاعمه.
وأكد بيسموت أنه أصرّ على طرح المشروع للتصويت الفوري رغم ازدحام جدول أعمال اللجنة، مشدداً على أن "الدولة التي تحترم نفسها لا يمكنها السماح لهذا التنظيم بمواصلة العمل دقيقة واحدة إضافية"، وأن الهدف هو ضمان تطبيق القانون فعلياً لا بقاؤه "حبراً على ورق".
وشهدت الجلسة أيضاً شهادة شخصية قدّمتها أييلت سمرانو، والدة الأسير "الإسرائيلي" المقتول يوناتان، والتي اتهمت "أونروا" بتغذية وتعزيز "بُنى الإرهاب" على مدى سنوات طويلة.
وادعت: إن "تقريباً كل تنظيم إرهابي وُجد هنا منذ قيام الدولة، كانت الأونروا جزءاً من تأجيجه وإعادته إلى الحياة"، معتبرة أن إسقاط حماس لن يمنع ظهور تنظيم آخر ما دامت "أونروا" قائمة.
وأضافت أن هناك دعماً دولياً متزايداً لاتخاذ إجراءات ضد الوكالة، متسائلة عن سبب تأخر تنفيذ القانون داخل "إسرائيل"، وخاطبت أعضاء اللجنة بالقول: "أنتم مدينون بذلك لابني"
من جهتها، زعمت مبادِرة القانون، عضو الكنيست "يوليا مالينوفسكي" على أن "الأونروا منظمة إرهابية ولا حق لها في الوجود"، معتبرة أن السماح لها باستخدام البنية التحتية والموارد الإسرائيلية "فضيحة" جاء القانون لتصحيحها.
وأضافت أن المرحلة المقبلة ستشهد إنهاء ما وصفته بـ"الحصانة القانونية" للوكالة، بما يتيح مقاضاتها على "الجرائم التي ارتكبتها وما زالت ترتكبها"، مؤكدة أن مشروع القانون سيُطرح قريباً للقراءتين الثانية والثالثة تمهيداً لإنهاء نشاط وكالة "أونروا" نهائياً داخل "دولة إسرائيل".
ومن المقرر أن يُحال المشروع المصادَق عليه إلى الهيئة العامة للكنيست لاستكمال مساره التشريعي في المرحلة المقبلة.
