صادقت حكومة كيان الاحتلال على ما وصفته بـ"أكبر صفقة غاز في تاريخها"، بقيمة إجمالية تقدر بنحو 112 مليار شيكل، لتصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، في خطوة اعتبرتها تل أبيب ذات أبعاد اقتصادية وأمنية وإقليمية بعيدة المدى، رغم أن الاتفاق لم يوقع رسميًا بعد.

ووفق المعطيات التي أعلنتها الحكومة، ستذهب نحو 58 مليار شيكل من قيمة الصفقة مباشرة إلى خزينة الدولة على شكل ضرائب وإتاوات، فيما تشارك في تنفيذها شركات تابعة لكيان الاحتلال بالتعاون مع شركة "شيفرون" الأميركية.

وتشمل الصفقة تصدير ما يقارب 131 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من حقل "ليفياثان" على مدى نحو 18 عامًا، ما يجعلها أكبر اتفاق تصدير في تاريخ كيان الاحتلال.

وتشير الحكومة إلى أن العائدات خلال السنوات الأربع الأولى ستكون محدودة نسبيًا، نتيجة الاستثمارات الضخمة المطلوبة في البنية التحتية، ولا سيما توسيع خطوط الأنابيب، حيث يتوقع أن تتجاوز الاستثمارات المباشرة في هذا القطاع 16 مليار شيكل، وأن تسهم في خلق فرص عمل جديدة. وفي مراحل لاحقة، تقدر التوقعات الرسمية أن تصل عائدات الدولة إلى نحو 6 مليارات شيكل سنويًا.

وأكدت الحكومة أن الأموال المتأتية من الصفقة ستُخصَّص لتعزيز قطاعات التعليم والصحة والبنية التحتية والأمن، إضافة إلى الاستثمار في ما تسميه "الأجيال القادمة".

 واعتبر رئيس حكومة كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو الصفقة دليلًا على "نجاح سياسة استخراج الغاز"، رغم المعارضة التي واجهتها في مراحل سابقة، فيما وصف وزير الطاقة إيلي كوهين الاتفاق بأنه "إنجاز تاريخي أمني–اقتصادي".

وبحسب الخطاب الرسمي، تعزز الصفقة مكانة كيان الاحتلال كـ"قوة طاقة إقليمية"، وتدعم ما تسميه "الاستقرار الإقليمي"، كما تضمن أولوية السوق المحلية وآليات لتحسين أسعار الغاز داخل الكيان.

وترى حكومة الاحتلال في الغاز الطبيعي أصلًا استراتيجيًا يعزز النفوذ الاقتصادي والسياسي، ويرتبط، وفق تصريحاتها، بتحسين تصنيف الاقتصاد عالميًا.

وفي تحليل للكاتب التابع لكيان الاحتلال رون بن يشاي، فإن الاتفاق، في حال توقيعه، سينتج مصلحة اقتصادية حيوية مشتركة بين كيان الاحتلال ومصر، ويؤسس لاعتماد اقتصادي متبادل طويل الأمد، من خلال التعاون في نقل الغاز والجوانب التنفيذية المرتبطة به.

ويشير التحليل إلى أن هذا الاعتماد قد يمنح كيان الاحتلال أوراق ضغط إضافية، خصوصًا في ما يتعلق بملفات إقليمية حساسة، وفي مقدمتها قطاع غزة.

ويُرجَّح، وفق التقديرات الصادرة عن دوائر الاحتلال، أن تمر البنية التحتية لنقل الغاز عبر البحر، وليس عبر شبه جزيرة سيناء، استنادًا إلى تجارب سابقة تعرّضت فيها أنابيب الغاز للتفجير، وإلى ما تصفه تل أبيب بمخاوف أمنية مرتبطة بالتعاظم العسكري المصري في سيناء، والذي تعتبره مخالفًا لاتفاق السلام بين الجانبين.

ورغم أن كيان الاحتلال "يغض الطرف" حاليًا عن هذا الوجود العسكري، إلا أن التحليلات الصادرة عنه ترى فيه تهديدًا محتملاً، خاصة في السياق المتصل بقطاع غزة.

ويضيف التحليل أن اتفاق الغاز قد يشكّل عامل كبح للعداء داخل المؤسسة العسكرية المصرية، التي تعد لاعبًا اقتصاديًا مركزيًا يحتاج إلى الطاقة لتشغيل بنيته التحتية، كما يعزز التحالفات الإقليمية لكيان الاحتلال مع دول مثل اليونان وقبرص ومصر، ضمن ما يعرف بـ"ائتلاف الغاز" في شرق المتوسط، في مواجهة طموحات تركيا وشمال قبرص التركية في مجال الطاقة.

ويربط الخطاب الصادر عن كيان الاحتلال الصفقة أيضًا بخطة السلام الأميركية للشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن ضغوطًا أميركية مورست لتسريع التوقيع عليها.

وفي هذا السياق، سارع نتنياهو إلى الإعلان عن الصفقة قبل إغلاقها رسميًا، في خطوة فسّرها محللون برغبته في إظهار الامتثال للتوجهات الأميركية، وإرسال رسالة إيجابية إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إضافة إلى توظيف ما يصفه بـ"الإنجاز الاقتصادي" في سياق داخلي.

ويتوقع أن يمهّد إقرار الصفقة، في حال استكمالها، لعقد قمة ثلاثية تجمع نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بعد أن جعلت القاهرة موافقتها شرطًا للمشاركة، على أن تُعقد القمة المرتقبة في منتجع "مار-آ-لاغو" بولاية فلوريدا.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين - وكالات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد