كشف مرصد الألغام الأرضية في تقريره السنوي الجديد عن صورة قاتمة لتزايد التلوّث بالذخائر غير المنفجرة في الأراضي الفلسطينية، مؤكدًا أن قطاع غزة بات اليوم من أكثر مناطق العالم تلوثًا بمخلّفات الحروب.

وذكر التقرير أن "إسرائيل" استخدمت أسلحة متقدمة وفتاكة خلال حربها الأخيرة على القطاع، مشيراً إلى أن هذا التلوّث يشكّل تهديدًا مباشرًا لحياة ملايين المدنيين ويعرقل بصورة خطيرة أي جهود إنسانية أو مشاريع إعادة إعمار.

وجاء التقرير ضمن مراجعة شاملة لمدى التزام الدول الموقعة على معاهدة "أوتاوا" الخاصة بحظر استخدام الألغام المضادة للأفراد وتطهير المناطق الملوّثة بها وتقديم المساعدة للضحايا.

ورغم تأكيد المرصد على نجاح الجهود الدولية خلال الـ18 عامًا الماضية في إزالة نحو 55 مليون لغم وإنقاذ ملايين الأرواح، إلا أنّه أشار في المقابل إلى وجود 1700 كيلومتر مربع حول العالم ما تزال رهن التطهير، إلى جانب تراجع واضح في التزام عدد من الدول بتعهّداتها.

دول عربية ضمن الأكثر تلوّثًا بالألغام

وبحسب التقرير، تأتي عدة دول عربية في صدارة المناطق الأكثر تلوثًا بالألغام والمتفجرات، ومن بينها: فلسطين ومصر واليمن ولبنان وسوريا والعراق، ما يعكس الإرث الطويل للنزاعات والحروب المتعاقبة في المنطقة.

كما لفت التقرير إلى أن 34 دولة رفضت حتى اليوم الانضمام لاتفاقية "أوتاوا"، أبرزها الولايات المتحدة و"إسرائيل"، التي تكرر منذ 18 عامًا التبرير ذاته القائم على "اعتبارات أمنية تتعلق بالدفاع".

غزة: تلوّث غير مسبوق يعطل الحياة والإغاثة

ورغم أن التقرير يقو:ل إنه لا دليل على استخدام "إسرائيل" للألغام التقليدية خلال حربها الأخيرة على غزة، إلا أنه يؤكد أنها استخدمت أنواعًا أشدّ تطورًا وخطورة من الذخائر غير المنفجرة والأسلحة الفتاكة، ما جعل القطاع واحدًا من أشد بقاع العالم تلوثًا بمخلّفات الحرب.

وفي وقت سابق، شدد "جوليوس فان دير فولت"، رئيس برنامج الأعمال المتعلقة بالألغام (أونماس) في الأرض الفلسطينية المحتلة، أن التلوث الواسع بالذخائر غير المنفجرة يهدد المجتمعات المحلية بشكل مباشر، ويعيق الدعم الإنساني الضروري لسكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة.

وأوضح فان دير فولت، في مؤتمر صحفي بجنيف، أن انتشار المتفجرات في مناطق واسعة من القطاع يقيد العمليات الإنسانية المنقذة للحياة، ويعطل جهود الإنعاش المبكر، ويجعل عمليات إعادة الإعمار بالغة الخطورة، مشددًا على أن الظروف المعيشية القاسية تدفع العائلات إلى النزوح نحو مناطق غير آمنة بحثًا عن مأوى.

وأشار إلى أن الأطفال من أكثر الفئات عُرضة للخطر، حيث تضطر العديد من الأسر إلى الإقامة قرب مواقع يشتبه باحتوائها على ذخائر متفجرة لغياب أي بدائل آمنة.

الضفة الغربية: 183 موقعًا ملوثًا في جنين ووادي الأردن

وفي الضفة الغربية، أشار التقرير إلى وجود 183 موقعًا يُشتبه بوجود ألغام أو ذخائر متفجرة فيها داخل محافظة جنين ووادي الأردن، إلا أن عمليات التطهير شبه متوقفة بسبب تعنّت الاحتلال ومنع وصول الفرق المختصة.

وحول ذلك، كان "فان دير فولت" قد حذر من أن تصاعد العنف في الضفة الغربية يزيد من مخاطر التلوث بالمتفجرات، موضحًا أن الخطر يمتد عبر المخيمات المكتظة بالسكان والمراكز الحضرية والمناطق الريفية، ما يجبر السكان على التعايش مع مخلّفات حرب مميتة.

وحذّرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" من تزايد تقاعس الدول الملتزمة بمعاهدة "أوتاوا" عن أداء واجباتها، خاصة في ما يتعلق بتطهير المناطق المتضررة من الألغام القديمة، أو الالتزام بعدم المساهمة في خلق مآسٍ جديدة.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين/ متابعات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد