يعيش اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات وتجمعات منطقة صور جنوبي لبنان أوضاعاً صعبة، بعد أن أوقفت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" تقديم الخدمات الطبية والإغاثية الضرورية، تزامناً مع تصاعد العدوان "الإسرائيلي" على لبنان وتهجير معظم أهالي القرى والبلدات الجنوبية.
على غرار السكان المحليين، اضطر الآلاف من سكان مخيمات وتجمعات مدينة صور للنزوح، حيث لجؤوا إلى بيوت مستأجرة شمالي لبنان أو إلى بيوت أقارب لهم، أو إلى مراكز الإيواء التي حددتها "أونروا"، بحثاً عن ملاذ آمن بعيداً عن القصف والاستهداف "الإسرائيلي".
ورغم إعلان "أونروا" عن خطة طوارئ إغاثية للاجئين الفلسطينيين، تضمنت تحديد مراكز لإيواء النازحين، إلا أنها "تخلّت عن وعودها" وتركت اللاجئين لمصيرهم، دون أي خدمات تذكر، بحسب ما يقول اللاجئون الفلسطينيون، ما أثار استياء وغضب المقيمين في المخيمات الذين وجدوا أنفسهم بدون رعاية أو دعم صحي، وهذا الأمر فجر احتجاجات غاضبة تجاه "تقصير" الوكالة المعنية بإغاثة اللاجئين وحمايتهم في أوقات الحروب والأزمات.
اقرأ/ي ايضاً: عدد النازحين إلى مخيم نهر البارد شمالي لبنان في ازدياد مع استمرار العدوان "الإسرائيلي"
وفي هذا السياق، نُظمت العديد من الاعتصامات التي رفع فيها اللاجئون صوتهم، مطالبين "أونروا" بالعدول عن قراراتها "المجحفة"، واستعادة تقديم الخدمات المتوقفة لكافة اللاجئين على حد سواء.
اللاجئون الفلسطينيون أكدوا أن استمرار الوكالة في تجاهل مسؤولياتها سيزيد من تفاقم الوضع الإنساني، وسيُضعف من صمودهم في مواجهة العدوان "الإسرائيلي" والظروف المعيشية الصعبة.
مطالبات بالإغاثة والطبابة
الباحث الحقوقي حسن السيدة شدد في حديث لبوابة اللاجئين الفلسطينيين على ضرورة معالجة التقصير الكبير من قبل "أونروا" في تقديم الخدمات، خاصة فيما يتعلق بالرعاية الصحية والإغاثة العاجلة.
كما دعا إلى الإسراع في صرف المساعدات النقدية لكافة العائلات الفلسطينية، لتمكينهم من الصمود في ظل استمرار العدوان، مُطالباً منظمة "يونيسف" أيضاً بالتدخل لتوفير الاحتياجات الأساسية للأطفال الفلسطينيين النازحين، والعمل على تأمين الحد الأدنى من مقومات الصمود للأهالي المتبقين في المخيمات.
عودة رغم المخاطر
وفي ظل الغياب التام لوكالة "أونروا" وكافة المرجعيات عن أداء دورها تجاه اللاجئين، تُرك اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات جنوبي لبنان يواجهون مصيرهم بأنفسهم، حيث يعانون من نقص حاد في الخدمات الأساسية، سواء الطبية أو الإغاثية، بينما تزداد مخاوفهم مع استمرار القصف "الإسرائيلي" في محيط المخيمات والتجمعات.
ورغم الخطر الداهم، قرر عدد من اللاجئين الفلسطينيين العودة إلى مخيماتهم بعد نزوحهم، ومنهم اللاجئة "أم بلال"، من مخيم برج الشمالي.
تقول أم بلال لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "لم أستطع البقاء بعيداً عن منزلي، كان هناك شيء ينقصني".
وبعد نزوحها مع عائلتها من المخيم الواقع شرقي مدينة صور خوفاً من التهديدات "الإسرائيلية" قررت العودة إلى المخيم مع زوجها، رغم الخطر، "بسبب الشعور بالانتماء والارتباط العميق بالمكان والذكريات التي يحملها"، وفضلت ذلك على الإقامة في مراكز إيواء لا تستوفي الشروط الإنسانية، فضلاً عن انعدام قدرتها وعائلتها على إيجاد ملاذ في منطقة آمنة بسبب غلاء إيجارات البيوت.
بدورها، "أم براء"، لاجئة فلسطينية أخرى من منطقة صور، نزحت إلى أحد مراكز "أونروا" في منطقة سبلين، حيث استقرت في الطابق الثالث مع أطفالها.
تتحدث لموقعنا عن معاناة أطفالها في استخدام المرافق الصحية، وخصوصاً مع صعوبة الوصول إلى المرحاض في الطابق الأرضي، ما أدى إلى حوادث محزنة دفعتها للعودة إلى منزلها في المخيم حفاظًا على سلامة أبنائها.
وفي إحصائية تقريبية غير رسمية، نزح نحو ثلثي سكان المخيمات والتجمعات الفلسطينية بمدينة صور، حيث شهدت الأيام الأولى من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الجاري أكبر موجة نزوح بعد أوامر إخلاء "إسرائيلية" وتهديدات بالقصف طالت بلدات وقرى ومخيمات جنوبي لبنان في الأول والرابع من الشهر الجاري.
اقرأي/ الخبر: الاحتلال ينذر مناطق في جنوبي لبنان بينها مخيمات وتجمعات فلسطينية
ويطلق اللاجئون الفلسطينيون واللجان الشعبية جنوبي لبنان نداءات لتوفير الدعم الإغاثي والصحي في المخيمات، بما يعين سكانها على البقاء داخلها، ويشجع من نزحوا على العودة إذا ما أصبحت العودة إلى منازلهم "رغم الخطر خياراً لا بديل عنه".
موضوع ذو صلة: اعتصامان في مخيمي شاتيلا وبرج الشمالي احتجاجاً على "تقصير أونروا بخدماتها"
ومنذ بدء التصعيد "الإسرائيلي" وهجمات جيش الاحتلال الجوية على جنوبي لبنان وشرقه، يتعرض محيط المخيمات والتجمعات الفلسطينية إلى غارات عنيفة أسفرت عن ارتقاء 4 فلسطينيين في مدينة صور، كان آخرهم الشهيد محمد خلف الذي ارتقى أمس جراء غارة "إسرائيلية" على بلدة برج الشمالي، وهؤلاء الشهداء يضافون إلى عشرات الفلسطينيين الآخرين في البقاع وصيدا وبيروت.